في ذاكرة الوطن ووجدان الأردنيين، تبقى أسماء الرجال العظماء منقوشة بحروف من نور، ومن بينهم يسطع اسم العقيد محمد عواد المومني رحمه الله تعالى، أحد فرسان الجيش العربي الأردني ورمز البطولة في معركة الكرامة الخالدة عام 1968.
المومني، القائد الصلب في المدفعية السادسة، كان صاحب الكلمة الأولى في لحظة فارقة من تاريخ الأردن والأمة العربية، حين دوّت صرخته المدوية: "مدافع… ارمي"، معلناً بدء نيران المدفعية الأردنية على قوات العدو التي حاولت عبور نهر الأردن. وما هي إلا لحظات حتى تحولت الأرض تحت أقدامهم إلى جحيم من نار وحديد، لتكتب المدفعية الأردنية صفحة من أروع صفحات البطولة.
أطلق على وحدته يومها لقب "المدفعية المجنونة" لشدة كثافة الضربات ودقتها، إذ أربكت العدو وأجبرته على التراجع لأول مرة منذ نكسة حزيران، مثبتة أن الجيش العربي قادر على كسر أسطورة الجيش الذي لا يُقهر.
ولم يكن المومني مجرد ضابط في ساحة المعركة، بل كان رمزاً للشجاعة والإقدام، يستمد من إيمانه بوطنه وقيادته وعروبته عزيمة لا تلين. تلك الروح الوطنية تجسدت في صورته التاريخية التي التُقطت في القدس قبل حرب حزيران 1967، شاهدة على زمن العزة والإصرار.
اليوم، ونحن نستذكره، فإننا نستحضر معاني الفداء التي حملها، ونترحم على روحه الطاهرة التي كتبت بمدافعها نشيد النصر في الكرامة، لتبقى قصة المومني خالدة في وجدان الأجيال، ودرساً للأردنيين والعرب في أن الإرادة الحرة قادرة على صنع النصر مهما عظمت التحديات.
رحم الله العقيد محمد عواد المومني، وأسكنه فسيح جناته، وجزاه عن وطنه وأمته خير الجزاء.