ينحدر الصحفي عبدالوهاب المحاسنة (أبو محمد )- رحمه الله - من عشيرة عريقة في محافظة الطفيلة، عشيرة المحاسنة التابعة لعشيرة الأم العبيديين ، كما ينحدر من نسل طيب و عائلة شيوخ عريقة لها تاريخ مشرف، فجده أحد أبرز الشيوخ القدماء ، الشيخ المعروف منذ عقود طويلة صالح المحاسنة ، و والده الشيخ المعروف في الإصلاح محمد رحمهما الله، و شقيقه الشيخ غالب المحاسنة (أبو علم) أحد أبرز شيوخ الإصلاح في الطفيلة وخارجها حالياً ، و أبنه البكر هو الدكتور محمد المحاسنة الأستاذ المشارك في القانون المدني عميد شؤون الطلبة في جامعة الطفيلة التقنية مستشار الرئيس للشؤون القانونية .
يعتبر الراحل المحاسنة من الرعيل الأول الذهبي في حقول الإعلام و الصحافة من مواليد الطفيلة (١٩٤٦) ، و صحفي موضوعي في نقل المعلومة من النسق الرفيع ، صاحب سيرة إعلامية وإجتماعية طويلة ، وصفه البعض بأنه رجلٌ حكيمٌ يستشار في الأمور الإجتماعية و العشائرية و يبدي رأيه المتزن بكل حكمة ودراية ، كيف لا وهو على خبرة واسعة في القانون العشائري لمشاركته جاهات الصلح وكتابة صكوكها ، فيما وصفه آخرون بسخي المال والكرم والطيب حتى أنه يتعمد إكرام المقربين منه بإلحاح شديد .
يتمتع بصيت ذائع في المشاركة في جاهات إصلاح ذات البين ، كونه مفوها ذا هيبة و وقار، يكتب صكوك الصلح العشائري بطريقة إحترافية كونه صحفي قدير .
خاصة أن الرجل لفت انتباهي ودهشتي و أنا أبحث مع المقربين في شخصيته و لا سيما كرمه و شهامته على أقربائه وممن لا يعرفهم من داخل الطفيلة و خارجها .
يعتبره البعض بشخصية ذات خبرة كبيرة في المشاركة في جاهات إصلاح ذات البين وجاهات الزواج ، يعمل بصورة سرية على حل المشكلات بين الزوجين و التوفيق بينهما قبل أن تخرج للعلن ، لخبرته الواسعة في الأمور العشائرية ؛ كونه واحد من أبرز المشاركين في جاهات الصلح والزواج في الطفيلة وخارجها قبل وفاته ، حيث سار على نهج جده ووالده رحمهما الله .
يصنفه البعض بقامة إعلامية عشائرية وطنية إجتماعية تطوعية من النسق الفخم ، تجمع ما بين القيادة العشائرية و القيادة المجتمعية ، تميزت شخصيته بالمثابرة و الجهد في العمل العشائري والعمل الإعلامي ، من المستوى الرفيع للغاية ، يجيد في صيد جواهرها و يعسوبُ في رحيق معانيها و تنوع فروعها ، تميز بشخصيته الوطنية ذات البعد الإجتماعي و العشائري .
فطوبى لك يا أبا محمد على هذه السيرة المضيئة التي شعرت فيها بالفخر و أنا أكتب عنها نظراً لما قيل عنك من مواقف مشرفة نورت هذه الإنجازات بعطاء قل نظيره .
رحم الله الصحفي عبدالوهاب المحاسنة الذي عمل مراسلاً لصحيفة العرب اليوم وقبلها في صحيفة الشعب الى جانب عمله موظفاً في وزارة الصحة لمدة تجاوزت (25) عاماً .
وقبل ذلك عمل ممرضاً في وزارة الصحة الأردنية، ومساعد صيدلي، بعدها أصبح صحفي في صوت الشعب ، ومديراً لمكتب العرب اليوم في الطفيلة ، يشارك الناس هموهم وأوجاعهم وظروفهم الصعبة .
والراحل المحاسنة الذي تجاوز الستين من العمر قبل وفاته في عام (٢٠١٣) عمل مندوبا لصحيفة العرب اليوم لأكثر من عشرة أعوام، نقل هموم الطفيلة ومشكلاتها طيلة تلك الفترة .
كان من المبادرين باستمرار في المشاركة في حل القضايا والنزاعات العائلية والعشائرية، والإسهام في إصلاح ذات البين، حيث كان يقوم بتدوين صكوك الصلح العشائري، إلى جانب مشاركته في الكثير من الجاهات العشائرية المختلفة
وصف بالصحفي الحكيم ، لمشاركته في جاهات إصلاح ذات البين ، وجاهات الزواج وغيرها ، وكونه كان يوثق تلك الصكوك بصورة مرتبة تدل على دقته وموضوعيته ، كما أعتبره البعض بصاحب شخصية متزنة، صابرة على الظلم حليمة عند الشدائد، مترفعة عن صغائر الأمور و سفاسفها ، فلا تثيره جعجة القوم و لا قلة حشمة من يحدثونه ، فلا يرد أحداً يطلبه و لا ينحاز لقريب ليخدمه ، إنما ينحاز إلى الحق ، يقف مع الجميع على مسافة واحدة، لا تغيره الظروف وأسودادها، و لا تحبط من عزائمه نوائب الدهر و منغصات الحياه ، لا يفتر نشاطه و لا يخبت أنواره و لا يذبل نواره، مضيئاً في صحيفته التي كان ينقل فيها الأخبار بدقة ، و يشار له بأطراف البنان .
فيما وصفه آخرون بالصحفي ذات البصيرة النافذة و التواضع الجٌم و الحِلم الكبير ، المعروف في حكمته و صبره في المواقف الصعبة و تحمل الأذى بما يوجه إليه، ينطبق عليه بيت الشعر القائل : كنْ كالنخيل عن الأحقاد مرتفعا
يُرمى بصخرٍ فيُلقي أَطيبَ الثمرِ.
يعتبره البعض بشخصية إعلامية ذات خبرة واسعة في مختلف المجالات ؛ كونه من الصحفيين القدامى ، علاوة على أنه صاحب فكر إعلامي من الطراز الرفيع للغاية ؛ ذو الصيت الذائع في كتابة التقارير التي تلقى صدى و إهتمام عند القراء والمسؤولين لدقته و موضوعيته ، لا سيما أنه مفوهٌ في حواره الإعلامي المقنع، ذو هيبة و ممن يمتلكون لساناً دافئا لا يضع الكلمة إلا في مكانها و يضع النقاط على الحروف ، يزنها قبل أن تتهادى من فيه ، يستمع للكبير وللصغير فلا يرد أحدا يسأله و لا مستغيثٌ يطلبه ، يقف مع الجميع دون تحيز و لا تفريق .
كان كريماً جواداً يساعد الناس في مجال عمله ، أقتبس ماقاله الأستاذ التربوي الفاضل سليمان العمايرة أبا محمد عن الراحل : " كان - رحمه الله - قامة عظيمة في تواصله مع المجتمع يسرد مصائب الناس و يذكرها في اللقاءات و الزيارات ، حيث يتفقد الأسر أي العائلات و لا سيما شهر رمضان الكريم مثال سرده أمامي في حشد من الناس ، حيث قال وجدت عائلةفي رمضان تفطر على خبز و ميرندا ؛ تغمس لقمة الخبز بالميرندا . و في المجال الصحي حيث لا يبخل على أي فرد بإعطائه دواء على حسابه الخاص . و على صعيد الخلافات، فيقوم بالإصلاح و تدوين صك الصلح بين المتنازعين ، "أبو محمد" - رحمه الله - رجل بألف رجل ؛ بنشاطه الكثير الكبير المستمر و عطائه الذي لا يعرف الكلل و لا الملل . لا نعطه حقه ، و المخفي عنه في عمل الخير يسر و يسعد . كان للجميع و لم يفرق شخص عن شخص " .
تنحني هاماتنا وترفع قبعاتنا للراحل الصحفي الصادق الجليل صاحب القلب الكبير ( أبو محمد) - رحمه الله - احتراماً وتقديراً، فأنت كنت واحدٌ من جيل الصحفيين الأفاضل المؤمنين بالرسالة الإعلامية العظيمة، الناكرين للذات، المحبين للغير من ذلك الزمن الجميل الذي يتميز برزانته و بريقه ، و كرم عطائه، فلك التحية على هذه المسيرة الزاخرة بالعطاءات و الإنجازات ، ومشوار حياة في العمل الصحفي و الإجتماعي والعشائري . و جزاكم الله خيرا على هذه الرحلات الإعلامية التي تتدفق منها خبرات معرفية وسلوكات واقعية .
نسأل الله الرحمة والمغفرة لهذا الرجل ، ويجزيه الله خيرا على ما قدمه لمحافظة الطفيلة والمحافظات الأخرى عامة من إرث حافل بالإنجازات من وإصلاح ذات البين وأعمال اجتماعية وخيرية و تطوعية سوف تبقى محفورة في ذاكرة الزمن و سوف تبقى سيرتك النقية المليئة بالتجارب الحياتية والخبرات العملية ، وإرثك من القيم والمثل النبيلة ، شاهدة على رجل من رجالات الطفيلة من الجنود المجهولين في الطفيلة وغيرها .
وأخيرا وليس آخرا، أسأل الله تعالى أن يرحم هذا الصحفي الكبير الإنساني والقامة الإعلامية المعروفة (أبو محمد) رحمة واسعة وأن يسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وأسأل الله أن يكرم من قبل المسؤولين؛ لما قدمه من إنجازات وعطاء منقطع النظير ابتغاء مرضات الله ، وما قدمه من إصلاح ذات البين والمشاركة في كتابة صكوك الصلح وغيرها .
وأسأل الله تعالى أن يحفظ ذريته وأحفاده حتى يسيروا على نهجه وسيرته المطرزة بالذهب والألماس والحناء وهم كذلك ولا نزكي على الله أحدا.