حين يخرج دولة الرئيس ليؤكد أن "الإحساس بالمسؤولية” هو ما يدفعه للحديث عن هموم الناس، يلتقط المواطن لحظة أمل صغيرة. لكن ما يلبث هذا الأمل أن يتلاشى حين يصطدم بالواقع الذي يعيش فيه الموظف والمتقاعد وربّ الأسرة كل يوم.
أبرز مثال على ذلك ملف زيادة الرواتب الذي أصبح ضيفًا دائمًا في التصريحات وغيابًا دائمًا في التنفيذ. يتكرر الوعد، ثم يُؤجَّل، ثم يُعاد تبريره بالإمكانات غير المتوفرة. وبين هذا وذاك، تقف الفئات الأقل حظًا والمسحوقة على حافة صبرها، تراقب ارتفاع الأسعار وثبات الدخل.
ثم جاءت الموازنة العامة هذا العام لتؤكد الحقيقة المرّة:
تم إقرار الموازنة دون زيادة دينار واحد للموظفين أو المتقاعدين.
لا تعديل، ولا تحسين معيشي، ولا خطوة واحدة تخفف عن الناس. ومع ذلك، تستمر الوعود بالتحسن "في المستقبل”… ذلك المستقبل الذي لا يملك المواطن أي دليل على اقترابه.
والناس تعرف جيدًا أن عمر الحكومات أقصر من عمر وعودها. فمن يطلق اليوم وعدًا قد لا يكون موجودًا غدًا ليحاسَب عليه. لذلك تبدو كل الوعود المتعلقة بالرواتب كأنها مؤجلة إلى زمن لا أحد يعرف مواعيده.
ومن هنا، ورغم أنني واحد ممن قصدهم دولته بكلامه، أقولها بكل وضوح:
لسنا منتظرين وعودًا بلا تنفيذ… ولا نثق بوعود مؤجلة إلى مستقبل مجهول.
فالناس اليوم لا تحتاج إلى خطاب جديد، بل إلى خطوة واحدة تُثبت أن المسؤولية ليست عبارة تُقال، بل قرارٌ يُنفّذ.
والوعود التي لا تجد طريقها إلى الموازنة، ولا تنعكس على رواتب الناس، تبقى كلامًا معلّقًا في الهواء.
وحتى يتحرك شيء فعلي على أرض الواقع، سيستمر المواطن في ترديد الحقيقة كما هي: