نيروز
الإخبارية – حوار خاص – محمد محسن
عبيدات
أجرت وكالة
نيروز الإخبارية لقاءً خاصاً مع الدكتورة أماني بن زينب، على هامش مشاركتها في مؤتمر
«ملهمات المستقبل: المرأة فارسة الدبلوماسية»، الذي عُقد في العاصمة الأردنية عمّان،
حيث تناول اللقاء محطات من مسيرتها المهنية والإنسانية، ورؤيتها لدور المرأة في تعزيز
الهوية بين الأجيال، إلى جانب حديثها عن الورقة العلمية التي قدمتها خلال المؤتمر،
وأثر هذه المشاركة في ترسيخ مفاهيم التمكين، والدبلوماسية الناعمة، وصناعة المستقبل.
نيروز:
بدايةً، دكتورة أماني، حدّثينا عن محطاتك الأولى، وكيف تشكّلت ملامح رحلتك المهنية؟
د. أماني بن زينب: رحلتي بدأت من الطب، حيث حصلت على درجة الدكتوراه في الطب من تونس، وعملت طبيبة في عدة مستشفيات، ثم انتقلت إلى المجال الأكاديمي كأستاذة علوم في مؤسسات تعليمية ببلجيكا. هذه التجارب المتنوعة منحتني فهماً عميقاً للإنسان، ليس فقط من الجانب الصحي، بل النفسي والتربوي والاجتماعي، وهو ما شكّل الأساس لما أنا عليه اليوم.
نيروز:
ما الذي دفعك للانتقال من الطب والتعليم إلى الكوتشينغ والاستشارات الأسرية والتربوية؟
د. أماني: خلال عملي لاحظت أن كثيراً من التحديات التي يواجهها الأفراد لا تعالجها الوصفة الطبية وحدها، بل تحتاج إلى وعي، وتوازن نفسي، وبناء مهارات حياتية. من هنا بدأت رحلتي في الكوتشينغ، حتى أصبحت كوتش معتمدة من الاتحاد الدولي للكوتشينغ (ACC)، ومدربة ومستشارة أسرية وتربوية، أعمل على تمكين الأفراد ومساعدتهم على اكتشاف قدراتهم الحقيقية.
نيروز:
تمتلكين عدداً كبيراً من المؤهلات والشهادات الدولية، كيف انعكس ذلك على مسيرتك؟
د. أماني: الإيمان بالتعلم المستمر كان دائماً جزءاً من فلسفتي. حصلت على دبلومات متخصصة في الإرشاد الأسري، الوساطة الأسرية، تدريب المدربين (TOT)، كوتشينغ الوالدين، كوتشينغ الطفل والمراهق، إضافة إلى شهادات في الذكاء العاطفي وإدارة النزاعات. هذه المعارف مكّنتني من تصميم برامج تدريبية متكاملة قائمة على علم النفس والعلوم العصبية، وذات أثر عملي ملموس.
نيروز:
لك حضور لافت في التدريب والمحاضرات الدولية، ماذا تمثل لك هذه المشاركات؟
د. أماني: أعتبرها مسؤولية ورسالة. تشرفت بأن أكون محاضرة رئيسية في ملتقيات المنظمة العالمية لسفراء التنمية، كما عملت مصممة ومدربة برامج في القيادة والتنمية الذاتية. هذه المنصات تتيح لي نقل الخبرة، وبناء جسور معرفية تسهم في إحداث تغيير إيجابي ومستدام في المجتمعات.
نيروز:
ما القيم التي تقوم عليها فلسفتك في التدريب والكوتشينغ؟
د. أماني: أؤمن بأن الإنسان قادر على التطور متى توفرت له بيئة داعمة. أركز على الذكاء العاطفي، فهم المشاعر، إدارة الوقت، التواصل الفعّال، وبناء التوازن النفسي والأسري. هدفي ليس تقديم حلول مؤقتة، بل إحداث تحول حقيقي في طريقة التفكير واتخاذ القرار.
نيروز:
كيف تنظرين إلى دور المرأة العربية في مجالات القيادة والتنمية اليوم؟
د. أماني:
المرأة العربية أثبتت قدرتها على الريادة والتميّز حين تُمنح الفرصة. أنا فخورة بأن
أكون جزءاً من هذا الحراك، وأسعى دائماً لتمكين النساء والرجال على حد سواء، ليكونوا
قادة في حياتهم ومجتمعاتهم.
نيروز: ،ما الرسالة التي تودين توجيهها للشباب
والطامحين للنجاح؟
د. أماني:
النجاح ليس مساراً مستقيماً، بل رحلة مليئة بالتعلّم والتجربة. استثمروا في أنفسكم،
طوّروا مهاراتكم، ولا تخافوا من التغيير. الإيمان بالذات مع العمل الجاد يصنع قصص النجاح
الحقيقية.
نيروز: شاركتِ مؤخراً في مؤتمر «ملهمات المستقبل:
المرأة فارسة الدبلوماسية» الذي عُقد في العاصمة الأردنية عمّان، كيف تقيّمين هذه المشاركة،
وماذا أضافت لكِ؟
د. أماني
بن زينب: كانت مشاركتي في مؤتمر ملهمات المستقبل تجربة غنية ومُلهمة على المستويين
المهني والإنساني. هذا المؤتمر شكّل منصة حقيقية لتسليط الضوء على الدور المتنامي للمرأة
في الدبلوماسية وصناعة القرار وبناء السلام، وفتح آفاقاً واسعة للحوار حول القيادة
النسوية الواعية القائمة على الحكمة، والتأثير الإيجابي، والقدرة على تمثيل القضايا
الإنسانية بعمق ومسؤولية. بالنسبة لي، عززت هذه المشاركة قناعتي بأن المرأة العربية
تمتلك من الكفاءة والرؤية ما يؤهلها لتكون فارسة حقيقية في ميادين الدبلوماسية والتنمية
وصناعة المستقبل.
نيروز:
قدّمتِ خلال مؤتمر «ملهمات المستقبل: المرأة فارسة الدبلوماسية» ورقة علمية بعنوان
«دور المرأة في تعزيز الهوية بين الأجيال»، ما أبرز محاور هذه الورقة، وكيف انعكس أثرها
على أعمال المؤتمر؟
د. أماني
بن زينب: ركّزت الورقة العلمية على الدور المحوري للمرأة، بوصفها الحاضن الأول للهوية
الثقافية والقيمية، في بناء الوعي الجمعي ونقل الموروث الإنساني بين الأجيال، لا سيما
في ظل التحديات المتسارعة التي تفرضها العولمة والتحولات الرقمية. تناولتُ أهمية تمكين
المرأة معرفياً وتربوياً لتكون جسراً واعياً يربط الماضي بالحاضر، ويحافظ على أصالة
الهوية مع الانفتاح الإيجابي على الآخر.
أما على
مستوى المؤتمر، فقد أسهمت الورقة في إثراء النقاشات العلمية، وفتحت باباً للحوار حول
مسؤولية المرأة في صياغة خطاب دبلوماسي ثقافي يعزز الانتماء، ويحمي الهوية الوطنية
والإنسانية، وهو ما انعكس في التوصيات التي أكدت ضرورة إدماج هذا الدور في السياسات
التربوية والثقافية المستقبلية.
نيروز: كيف وجدتِ الأردن خلال انعقاد مؤتمر
«ملهمات المستقبل: المرأة فارسة الدبلوماسية»، وماذا ستحملين معكِ للحديث عنه في بلدك،
وما الرسالة التي تودين توجيهها للقائمين على المؤتمر، وبخاصة رئيس المؤتمر الدكتور
أمين أبو حجلة؟
د. أماني بن زينب: الأردن كان، كعادته، مساحة
رحبة للفكر والحوار الراقي، وبيئة حاضنة للقاء العقول والخبرات من مختلف الدول. خلال
المؤتمر لمسنا روح الانفتاح، وعمق التنظيم، والحرص الحقيقي على أن تكون المرأة في قلب
النقاشات المتعلقة بالمستقبل والدبلوماسية وبناء السلام. ما سأحمله معي إلى بلدي هو
صورة الأردن كمنصة إقليمية للحوار الإنساني، وكدولة تؤمن بدور المرأة وتمنحها مساحة
فاعلة للتأثير وصناعة القرار.
أما رسالتي
للقائمين على المؤتمر، فأقول لهم شكراً على هذا الجهد النوعي، وعلى الرؤية التي جمعت
بين الفكر، والرسالة، والبعد الإنساني. وأخصّ بالشكر رئيس المؤتمر الدكتور أمين أبو
حجلة، على قيادته الحكيمة، وحرصه على إخراج المؤتمر بصورة مشرّفة تليق بعنوانه ورسائله،
مؤكدة أن مثل هذه المبادرات تشكل رافعة حقيقية لتمكين المرأة وتعزيز حضورها في المشهد
الدبلوماسي العربي والدولي.
نيروز: كلمة أخيرة تودّين توجيهها عبر نيروز
الإخبارية؟
د. أماني
بن زينب: أشكر وكالة نيروز الإخبارية على هذا اللقاء المهني الذي يسلّط الضوء على قصص
النجاح ويمنح الفكر مساحة للحضور. رسالتي لكل امرأة ولكل شاب عربي أن الإيمان بالذات،
والعلم، والعمل الواعي هي مفاتيح صناعة المستقبل. علينا أن نؤمن بدورنا في الحفاظ على
هويتنا، وتعزيز قيم الحوار والتفاهم، وأن نكون شركاء حقيقيين في بناء مجتمعات أكثر
توازناً وإنسانية. فالمستقبل يُصنع اليوم، وبأيدٍ تؤمن بالأثر لا بالشكل.