الزريقات
يكتب .. المبادرة الوطنية للتكافل الاقتصادي والاجتماعي: نحو نموذج أردني مستدام في
العدالة والتنمية
نيروز
- بقلم الدكتور متري شبلي متري الزريقات
في ظل
ما تشهده المملكة الأردنية الهاشمية من تحديات اقتصادية متزايدة نتيجة الظروف الإقليمية
والدولية وارتفاع كلفة المعيشة، باتت الحاجة ملحّة إلى حلول وطنية مبتكرة تُعيد صياغة
مفهوم التكافل الاجتماعي بصيغة عملية ومؤسسية. من هذا المنطلق، تأتي المبادرة الوطنية
للتكافل الاقتصادي والاجتماعي كمشروع وطني شامل يهدف إلى دعم الاستقرار المالي للأفراد
وتعزيز النمو الاقتصادي، في إطار تشاركي يجمع بين الحكومة، والقطاع الخاص والمجتمع
المدني والمواطنين.
فكرة المشروع:
تقوم المبادرة على إنشاء جمعية وطنية ذات طابع اقتصادي واجتماعي، تُموّل من اقتطاع
رمزي لا يتجاوز ديناراً واحداً شهرياً من رواتب الموظفين في القطاعين العام والخاص،
إلى جانب مساهمات اختيارية من الشركات والبنوك والمؤسسات الوطنية. تهدف هذه الجمعية
إلى معالجة حالات التعثر المالي التي يعاني منها آلاف المواطنين، وإعادة دمج الفئات
المتضررة في الدورة الإنتاجية من خلال آليات شفافة ومنظمة.
أهداف
المبادرة: تركز المبادرة على تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال نظام مؤسسي مستدام يُمكّن
المواطنين من مساعدة بعضهم البعض، ويعالج ملف القروض الصغيرة والمتوسطة للفئات محدودة
الدخل. كما تسعى إلى تعزيز الاستقرار الأسري والاجتماعي، والحد من تداعيات التعثر المالي
التي تطال الأفراد والمجتمع، إلى جانب تحفيز الاقتصاد الوطني عبر ضخ السيولة في الأسواق
وزيادة النشاط الإنتاجي والاستهلاكي.
آلية التنفيذ
والحوكمة: سيتم تأسيس الجمعية بقرار رسمي من رئاسة الوزراء أو وزارة التنمية الاجتماعية،
وتُسجّل كجمعية وطنية ذات نفع عام تخضع للرقابة الحكومية. يتولى إدارتها مجلس أمناء
يضم شخصيات اقتصادية واجتماعية مشهود لها بالكفاءة والنزاهة، بإشراف هيئة رقابة مالية
مستقلة لضمان الشفافية وحسن إدارة الأموال.
كما سيتم
تطوير نظام إلكتروني مركزي لتلقي الطلبات والتحقق من الحالات المستحقة وفق معايير دقيقة،
لضمان العدالة في التوزيع ومنع أي تجاوز أو استغلال.
مجالات
الإنفاق : تُوجَّه أموال الجمعية إلى سداد القروض الصغيرة والمتوسطة للأفراد المتعثرين،
وتمويل مشاريع إنتاجية صغيرة للأسر المستفيدة، إضافة إلى برامج تمكين مهني واجتماعي
لإعادة دمج المتعثرين في سوق العمل. كما يتضمن المشروع إنشاء صندوق طوارئ وطني لدعم
الأسر في حالات الأزمات الاقتصادية والكوارث الطبيعية.
النتائج
المتوقعة :من المتوقع أن تُسهم المبادرة في خفض معدلات التعثر المالي، وتعزيز ثقة المواطن
بالمؤسسات الوطنية، وتحريك عجلة الاقتصاد عبر تنشيط القوة الشرائية. كما ستعمل على
تعزيز قيم التكافل والعدالة الاجتماعية، وتخفيف العبء عن مؤسسات الرعاية الاجتماعية
والخيرية.
الأثر
الوطني :تمثل المبادرة فرصة لبناء نموذج أردني فريد للتكافل المستدام، يربط بين المسؤولية
الفردية والمصلحة العامة، ويحول القيم الاجتماعية إلى برامج اقتصادية ذات أثر ملموس.
إنها خطوة باتجاه تنمية متوازنة بين مختلف المحافظات، وإعادة توزيع الدخل الوطني بطريقة
عادلة وطوعية، تعكس روح الأردنيين في التعاون والتكافل.
إن المبادرة
الوطنية للتكافل الاقتصادي والاجتماعي ليست مجرد مشروع مالي، بل رؤية وطنية عميقة لإعادة
بناء الثقة بين المواطن والدولة، وإثبات أن الحلول الكبرى تبدأ بخطوات بسيطة حين تُدار
بإيمان وإخلاص للوطن.