تشهد محافظة اربد خلال فصل الشتاء نشاطا ملحوظا في المشروعات الإنتاجية المنزلية، التي أسهمت بتمكين العديد من الأسر اقتصاديا، وتحولت لدى بعضها إلى مصدر دخل رئيسي في ظل تزايد الطلب على المنتجات التي تتلاءم مع الأجواء الباردة، كالمشغولات الصوفية، والمأكولات الشعبية والمربيات والمجففات.
وتبرز في مختلف مناطق المحافظة نماذج ناجحة لأسر استطاعت استثمار مهاراتها المنزلية وتحويلها إلى مشاريع إنتاجية مستدامة، تلبي احتياجات المجتمع المحلي، لا سيما طلبة السكنات الجامعية والمغتربين بما يعكس دور هذه المشروعات في تحريك عجلة الاقتصاد المحلي.
وتقول سعاد العلي، من إحدى أسر اربد، إنها طورت مشروعا منزليا لصناعة الشالات والقبعات الصوفية يدويا، بدأ كهواية بسيطة قبل أن يتوسع مع ازدياد الطلب الموسمي على المنتجات المحبوكة.
وأكدت لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن الالتزام بالجودة والإبداع في اختيار الألوان والخامات أسهما في زيادة الإقبال على منتجاتها.
وأشارت العلي إلى أن المشروع واجه في بداياته تحديات تتعلق بالتسويق، إلا أن الالتحاق بدورات تدريبية متخصصة أسهم بتطوير آليات الترويج والوصول إلى شرائح أوسع من الزبائن، ما مكن المشروع من التحول إلى مصدر دخل مستقر للأسرة.
وأضافت إنها قامت بتدريب عدد من السيدات على الحياكة، الأمر الذي أسهم في توفير فرص عمل منزلية وتعزيز ثقافة الإنتاج داخل المجتمع المحلي.
وفي نموذج آخر، أطلقت أم ريان مشروعا منزليا لإنتاج الحلويات الشتوية التقليدية بالتعاون مع أبنائها، مستفيدة من ارتفاع الطلب خلال فصل الشتاء. وأوضحت أن المشروع يقدم تشكيلة متنوعة من الحلويات الشعبية، مثل المقروطة والكعك بالسمن والهريسة وغيرها ، مع الحفاظ على الجودة والمذاق التراثي.
وبينت أن المشروع لم يقتصر أثره على تحسين دخل الأسرة، بل عزز روح التعاون بين أفرادها، من خلال مشاركة الأبناء في إعداد وتغليف المنتجات، ما أسهم في ترسيخ قيم العمل والمسؤولية لديهم.
كما بدأت أسرة ام يعقوب جبارة مشروعا لإنتاج المأكولات الشتوية التقليدية، مستفيدة من الإقبال المتزايد خلال الأيام الباردة.
وأوضحت جبارة، أن تجهيز مطبخ إنتاجي داخل المنزل سهل تنفيذ الطلبات اليومية وتلبية احتياجات الزبائن، مشيرة أن المشاركة في البازارات المحلية أسهمت في التغلب على تحديات التسويق وبناء قاعدة زبائن ثابتة.
وفي السياق ذاته، تمكنت أسرة علي الوديان من استثمار موسم الحمضيات في إعداد أنواع متعددة من المربيات والمجففات الطبيعية، مؤكدة أن هذه المشاريع تسهم بتعظيم الاستفادة من المنتجات الزراعية المحلية، وتعزز مشاركة أفراد الأسرة في العملية الإنتاجية، بما يدعم استدامة الدخل ويخدم الاقتصاد المحلي
من جهتها، أوضحت الخبيرة الاجتماعية الدكتورة شروق أبو حمور ان فصل الشتاء يشكل محفزا اقتصاديا وسلوكيا للأسر، إذ يتيح انخفاض درجات الحرارة بقاء أفراد الأسرة في المنزل لفترات أطول، ما يوفر وقتا إضافيا يمكن استثماره في أنشطة إنتاجية منزلية.
وأوضحت أن المشروعات المنزلية المشتركة، مثل صناعة المشغولات الصوفية والحرف اليدوية وإعداد الأطعمة الشتوية، تسهم في تعزيز التماسك الأسري وتنمية المهارات الاجتماعية والعاطفية لدى الأطفال والمراهقين، إضافة إلى توزيع الأدوار بما يعزز قيم المسؤولية والانتماء.
وأكدت أن هذه المشروعات لم تعد مجرد هوايات، بل أصبحت مصادر دخل إضافية تساعد الأسر على مواجهة الضغوط الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة، مع تعزيز فرص اكتساب مهارات رقمية وتسويقية مهمة.
وشددت الدكتورة أبو حمور على أن نجاح المشروع يتطلب استراتيجية واضحة، تبدأ بتحديد الحاجة الشتوية، والحرص على الجودة والإتقان، وتوظيف القوة الأسرية، مع التركيز على النظافة والإبداع في التسويق الرقمي، والبدء بجمهور محدود قبل التوسع لضمان استدامة المشروع وتحقيق قيمة اقتصادية مضافة.