لم تُبنَ الدولة الأردنية بالموارد، بل بالإنسان. ومنذ التأسيس، كان الرهان الأردني واضحًا: التربية تصنع الانتماء، والتعليم يصنع القدرة، وبدونهما يضعف الوطن مهما امتلك من شعارات.
في الأردن، لم تكن المدرسة يومًا مجرد صفوف، بل خط الدفاع الأول عن الهوية الوطنية والاعتدال والاستقرار. فحيث تضعف التربية، يتسلل التطرف، وحيث يتراجع التعليم، تتآكل الدولة من الداخل. لذلك فإن أي مساس بجودة التعليم أو مكانة المعلم هو مساس مباشر بأمن الوطن ومستقبله.
لقد أثبت الأردنيون عبر العقود أن الاستثمار في الإنسان هو خيار الدولة الأذكى، لكن المرحلة الراهنة لا تحتمل المجاملة أو التأجيل. نحتاج تعليمًا نوعيًا لا شكليًا، ومناهج تبني العقل لا تحفظه، وتربية تعزز المواطنة والمسؤولية لا الاتكالية.
الأردن اليوم أمام معركة وعي قبل أن تكون معركة اقتصاد. إما أن نربحها بإصلاح جذري وشجاع لمنظومة التربية والتعليم، أو ندفع ثمن التراجع أجيالًا قادمة.
فالتربية والتعليم ليسا قطاعين خدميين، بل مشروعًا وطنيًا سياديًا، ومن يستهين بهما يستهين بمستقبل الأردن.