تمثّل يسر حسان واحدة من التجارب الإعلامية الأردنية التي تشكّلت عبر مسار مهني متدرّج، جمع بين العمل الإذاعي والتلفزيوني، والمهام الإدارية، والاهتمام بقضايا الاتصال والتنمية. فقد استطاعت، على امتداد تجربتها، أن توازن بين الأداء الإعلامي المنضبط والرؤية المهنية الواضحة، مستندة إلى معرفة علمية وخبرة عملية عززتا حضورها وأثرها في المشهد العام.
انطلقت يسر حسان في مسيرتها من مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردنية، حيث عُرفت عبر برامج متعددة في راديو عمّان FM، قدّمت وأعدّت خلالها برامج اجتماعية وثقافية هدفت إلى تعزيز التواصل بين الإذاعة والجمهور، والاقتراب من قضايا الناس اليومية بلغة هادئة ومباشرة. وقد أسهم صوتها الواضح وأسلوبها الحواري المتزن في ترسيخ مكانتها لدى المستمعين، كما منحها تقديرًا مهنيًا داخل الوسط الإعلامي.
ومع اتساع تجربتها، انتقلت إلى العمل التلفزيوني من خلال قناة نورمينا الفضائية، حيث شاركت في إنتاج البرامج وتطوير المحتوى، في تجربة أكدت قدرتها على العمل عبر وسائط إعلامية مختلفة، والجمع بين خصوصية الإذاعة ومتطلبات الشاشة، بما يخدم الفكرة والمضمون قبل الشكل.
لم يقتصر حضور يسر حسان على العمل أمام الميكروفون أو الكاميرا، بل امتد إلى مواقع الإدارة وصناعة القرار. فقد شغلت عضوية مجلس إدارة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردنية في أكثر من دورة، وهو موقع يعكس الثقة بخبرتها وتقدير دورها المهني. وخلال تلك المرحلة، عُرفت بمواقفها الداعية إلى تحديث الخطاب الإعلامي العام، ومواكبة التحولات الرقمية، مع التأكيد على بقاء الإعلام الوطني مساحة جامعة للتنوير والتعبير، لا مجرد أداة للترفيه أو الاستهلاك السريع.
وإلى جانب تجربتها العملية، أولت يسر حسان اهتمامًا واضحًا بالتأهيل الأكاديمي، فحصلت على درجة الماجستير في إدارة الأعمال الدولية من جامعة بيدفوردشير البريطانية، ما أضاف إلى مسيرتها بعدًا إداريًا ومعرفيًا مكّنها من الربط بين الإعلام والتخطيط الاستراتيجي، وفهم أعمق لديناميكيات الاتصال المؤسسي في العصر الحديث.
وقد انعكس هذا التكوين الأكاديمي في مشاركاتها اللاحقة في مشاريع وطنية وتنموية، من بينها إشرافها على برنامج «نافذة التمكين الشبابي» ضمن مشروع التمكين الديمقراطي في الأردن، حيث ركّزت على تدريب الشباب على مهارات الاتصال، والقيادة، والمشاركة في الشأن العام، انطلاقًا من إيمانها بأهمية الاستثمار في طاقات الجيل الجديد وتمكينه من أدوات التعبير والتأثير.
كما تولّت يسر حسان مهام استشارية وإدارية في إعداد سياسات إعلام واتصال لمؤسسات حكومية وأهلية، وكانت من الأصوات المبكرة التي شددت على أهمية الاتصال المؤسسي في بناء الثقة مع الجمهور. وترى أن نجاح أي مؤسسة لا يتحقق بإنجازاتها وحدها، بل بقدرتها على التواصل الواضح والمنهجي، وصياغة خطاب منسجم مع قيمها وأهدافها. وفي هذا السياق، أسهمت في إعداد أول سياسة إعلام واتصال في إحدى الوزارات الأردنية، كنموذج عملي لدمج الفكر الإعلامي بالتخطيط الاستراتيجي.
وفي لقاءاتها وحواراتها العامة، تتوقف يسر حسان عند قضايا الشباب والمشاركة السياسية، معتبرة أن غياب النموذج القادر على الإقناع يشكّل أحد أبرز أسباب عزوف الشباب عن العمل العام والحزبي. وتؤكد أن الجيل الجديد يمتلك وعيًا وطاقة، لكنه يحتاج إلى خطاب يحترم عقله، ويتفاعل مع لغته، ويمنحه مساحة حقيقية للتعبير والمبادرة.
تعكس مسيرة يسر حسان تداخلًا واعيًا بين الفكر والممارسة، من العمل الإعلامي الميداني إلى مواقع الإدارة وصناعة السياسات، ومن الأثير إلى قاعات الاجتماعات. وهي تمثل نموذجًا للإعلامية الأردنية التي لم تكتفِ بالحضور أو الظهور، بل سعت إلى توظيف خبرتها في خدمة قضايا أوسع، إيمانًا بأن الإعلام الوطني الفاعل هو ذلك القادر على بناء الثقة، وتعزيز الوعي، وتجديد العلاقة بين الدولة والمجتمع، في زمن تتسارع فيه التحديات وتتغيّر فيه أدوات التأثير.