رغم قسوة الخسارة ومرارتها، أثبت نشامى المنتخب الوطني الأردني أن المجد لا تُحدده الكؤوس وحدها، بل تصنعه المواقف الكبيرة، وتخلّده الروح العالية، وتكتبه البطولات الحقيقية في ذاكرة الشعوب قبل سجلات النتائج. فقد خطّ المنتخب الأردني إنجازًا وطنيًا مشرفًا بحصوله على وصافة بطولة كأس العرب التي احتضنتها دولة قطر، إنجاز سيبقى علامة مضيئة في مسيرة الكرة الأردنية.
وفي المشهد الختامي للبطولة، وقف النشامى بثبات أمام المنتخب المغربي في مباراة اتسمت بالقوة والندية والإثارة، مواجهة جسّدت معنى التحدي الحقيقي. ورغم
الخسارة، قدّم لاعبو منتخبنا ملحمة كروية نادرة، عبّروا فيها عن أعلى درجات العزيمة والإصرار والروح القتالية، في لقاءٍ أجمع المتابعون على أن نتيجته لم تنصف حجم العطاء والتضحيات التي بذلها النشامى داخل المستطيل الأخضر.
وكانت المباراة النهائية اختبارًا صعبًا للإرادة والشخصية، ظهر خلالها المنتخب الأردني بصورة مشرّفة تليق باسم الوطن، جامعًا بين الانضباط التكتيكي الدقيق، والصلابة الدفاعية، والاندفاع الهجومي الجريء، وسط مدرجات امتلأت بالحماس، وأجواء كروية مشحونة بالفخر والانتماء.
لقد فرض النشامى حضورهم وشخصيتهم على مجريات اللعب في فترات طويلة، لا سيما في الشوط الثاني، ووقفوا ندًّا قويًا حتى اللحظة الأخيرة، غير أن كرة القدم – وكما هي عادتها الجلدة المنفوخة – لا تكافئ دائمًا من يستحق أكثر.
ورغم كل ما جرى، فإن ما حققه منتخب النشامى يُعد إنجازًا وطنيًا بامتياز وتميّزًا مستحقًا، لم يكن وليد المصادفة، بل ثمرة عمل دؤوب، وتخطيط فني واعٍ، وانسجام لافت بين عناصر الفريق، الذين لعبوا بقلب واحد وروح واحدة، رافعين اسم الأردن عاليًا بين كبار المنتخبات العربية والآسيوية والعالمية. كما كان للجهاز الفني دور محوري وبصمة واضحة في هذا التطور الكبير، وفي بناء فريق يؤمن بقدراته ويجيد مقارعة الكبار بثقة واقتدار.
لقد وجّه النشامى رسالة واضحة لا تقبل التأويل: الأردن حاضر، وقادر، ومؤهل للمنافسة على البطولات، مهما عظمت التحديات، وأن ما تحقق اليوم ليس نهاية الحلم، بل بداية طريق أكثر إشراقًا وطموحًا.
كما عزّز هذا الإنجاز آمال الشارع الرياضي الأردني، وأشعل الطموح المشروع بأن يكون منتخب النشامى على قدر التحدي في بطولة كأس العالم المقبلة 2026م، فالمؤشرات الفنية، والروح القتالية، والنضج الجماعي الذي ظهر به المنتخب، كلها تبعث على التفاؤل بأن الحلم العالمي ليس بعيد المنال، وأن النشامى قادرون على كتابة فصل جديد من الإنجاز على أكبر مسارح كرة القدم في العالم.
وخلاصة القول، فإن مشاركة منتخبنا الوطني في كأس العرب بقطر تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن كرة القدم الأردنية تسير بثبات على الطريق الصحيح، وأن المستقبل يحمل في جعبته المزيد من الإنجازات، في ظل دعم جماهيري صادق، واهتمام رسمي، وإيمان راسخ بقدرات لاعبين أثبتوا أنهم على قدر المسؤولية، فرفعوا راية الوطن عاليًا .… فخرًا، وعزًّا، ومجدًا لا يُهزم.