لم تكن مباراة الأردن والمغرب في نهائي كأس العرب مباراة عادية تُقاس بنتيجة أو تُختصر بهدف، بل كانت لحظة وطنية كثيفة المشاعر، اختلطت فيها دموع الفرح بالفخر، ودموع القهر بمرارة الظلم. كانت مباراة كشفت معدن الرجال قبل أن تكشف لوحة النتائج، وأظهرت أن كرة القدم ليست مجرد لعبة، بل مرآة للعدالة حينًا، ولغيابها أحيانًا أخرى.
أبدع النشامى، وأدهشوا كل من تابعهم، أداءً، وانضباطًا، وروحًا قتالية تليق باسم الأردن وتاريخه. لعبوا بقلب الوطن، وبإصرار من يعرف أن القميص ليس مجرد لون، بل كرامة ومسؤولية. كانوا الأقرب إلى الإقناع، والأكثر حضورًا في الملعب، لكن يبدو أن الإبداع وحده لا يكفي حين تختل موازين العدالة.
لقد خُذلت الجماهير الأردنية بإحساس قاسٍ أن شيئًا ما في التحكيم لم يكن في مستوى مهني ، وأن قرارات مؤثرة قلبت مسار المباراة، وسرقت فرحة كانت مستحقة. نعم، سُرقت فرحة الفوز، لكن لم تُسرق القيم، ولم تُهزم الشهامة، ولم يُكسر الانتماء. فهناك خسارات تُربك الروح، لكنها لا تُسقط الكرامة.
كنا دائمًا نُعلّم أبناءنا أن يتحلّوا بالروح الرياضية عند الخسارة، لكن ما أصعب أن يُطلب الصبر حين يكون القهر هو العنوان، وحين يشعر المشجع أن العدالة غابت عن أهم لحظات الحلم. ومع ذلك، بقي الأردني كبيرًا، واعيًا، وفيًا لقيمه، لأن عدالة السماء وحدها لا تخذل، ولأن حكم الله أدق وأبقى من أي صافرة.
نبارك للمغرب الشقيق فوزه، ونشكر دولة قطر على استضافة وتنظيم هذه البطولة العربية المهمة، لكن الشكر الأكبر، والأصدق، والأعمق، للنشامى الأردنيين. شكرًا لأنكم رفعتم الرأس، وأعدتم الثقة، وأثبتّم أن الأردن حاضر بقوة.
في هذا النهائي، خسرنا كأسًا، لكننا ربحنا منتخبًا يُبنى عليه، وروحًا وطنية لا تُهزم، وجمهورًا يعرف أن الانتصار الحقيقي هو أن تخرج مرفوع الرأس… وهذا ما فعله النشامى.