البطوش يكتب سيول الكرك… حين تُختبر المسؤولية الوطنية
الثلاثاء-2025-12-30 | 10:16 am
نيروز الإخبارية :
كتب: أحمد يوسف البطوش*
شكّلت السيول التي اجتاحت محافظة الكرك مؤخرًا محطة وطنية بالغة الدلالة، تجاوزت كونها حالة جوية طارئة، لتكشف بوضوح واقع الجاهزية، وحجم التحديات المتراكمة في البنية التحتية، وتضع مفهوم المسؤولية الوطنية—بمختلف مستوياته—تحت اختبار حقيقي لا يحتمل المجاملة أو التأجيل.
لقد خلّفت السيول أضرارًا واسعة في الطرق، والعبارات، والمرافق العامة، وفاق حجمها الإمكانات التشغيلية المتاحة لدى البلديات، ووضعت بلديات الكرك الكبرى، والمزار الجنوبي، ومؤاب أمام ظرف استثنائي يفوق قدراتها المحدودة. ورغم ذلك، يُسجَّل بكل تقدير ما قامت به بلدية الكرك الكبرى من تحرّك ميداني فاعل، بقيادة رئيس لجنة البلدية وكوادرها، الذين عملوا على مدار الساعة، وبذلوا أقصى الجهود الممكنة بدافع الواجب والمسؤولية والانتماء الوطني. وهي جهود تُقدَّر وتُشكر، لكنها لا يمكن أن تُحمَّل فوق طاقتها، ولا أن تكون بديلًا عن منظومة دعم متكاملة.
إن الكوارث الطبيعية لا تُواجه بإمكانات محدودة أو حلول مؤقتة، ولا يجوز أن تُترك البلديات ومديريات الأشغال العامة في خط المواجهة الأول دون تعزيز حقيقي بالآليات والمعدات اللازمة. ومن هنا، تبرز أهمية تفعيل الشراكة الوطنية بمفهومها الشامل، والتي تشمل إلى جانب المؤسسات الحكومية، القطاع الخاص، ولا سيما الشركات الكبرى العاملة في محافظة الكرك، وفي مقدمتها شركة برومين الأردن وشركة البوتاس العربية، بما تمثله من ثقل اقتصادي ودور متوقع في دعم المجتمعات المحلية وقت الأزمات.
فالمسؤولية المجتمعية لا تُختزل في بيانات أو شعارات، بل تتجسد في حضور فعلي ومساندة ميدانية، ودعم مباشر يسهم في تقليل الخسائر وتسريع الاستجابة وحماية المواطنين والبنية التحتية.
وانطلاقًا من ذلك، فإن ما جرى في الكرك يؤكد الحاجة إلى تدخل حكومي عاجل ومنظّم، يقوده دولة رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان، من خلال توجيه دعم فوري لمحافظة الكرك، يشمل رفد البلديات ومديريات الأشغال بالآليات والمعدات اللازمة، وإطلاق معالجة شاملة للبنية التحتية، ووضع حلول مستدامة تقلل من آثار السيول وتمنع تكرار هذه الأضرار مستقبلًا.
إن الكرك، بتاريخها العريق ومكانتها الوطنية، ليست على هامش الدولة، بل تشكل جزءًا أصيلًا من نسيج الوطن وقوته. وأبناؤها، وهم يواجهون آثار هذه السيول بصبر ومسؤولية، لا يطالبون بامتيازات، بل بحقهم المشروع في بنية تحتية آمنة، واستجابة عادلة، وشراكة وطنية صادقة بين الدولة والقطاع الخاص، لأن تماسك الوطن يُقاس في لحظات الشدة، لا في أوقات الرخاء.
أحمد يوسف البطوش*
رئيس الهيئة الإدارية لفريق قيادتنا هاشمية وهويتنا أردنية.