السلام عليك يا فارس القلم ، ويا صديق الأحرف والدفاتر والطبشور ، ويا حادي الصفوف والطوابير ، يا حامل رسالة العلم والتعلم المؤتمن عليها منذ عشرين عاما ... السلام عليك اليوم وكنت تصدح في الطابور الصباحي أن الوطن يبدأ بالكلمة والوعي ، وأن الحرية قبل حصة النسخ ، وأن الحقوق تنزع نزعا ...
السلام عليك أيها البدوي الحرّ ، مثل أهلك ملكوا الصحراء ، وحرروا بلادهم يوم قاتلوا مع جيش الثورة العربية ، ليس قتال طامع وإنما إنعتاقا للحرية والكرامة ، وكنت مثلهم مقاتلا شرسا دافعت عن المعلم والتعليم ، صوت حق لا يهادن السلطة ولا يخافها ، لذا أخفتهم بقلمك وطبشورتك وبصوتك البدوي النقّي ، وأنت أنت لا تخاف إلا الله .
هي المنايا يابن الحجايا ، كُتب عليكم أبناء الجنوب والقرى المنسيّة أن تقدّموا دمكم على إسفلت "الصحراوي " ، طريق التعب والموت ، وها هو يتخطفكم كما تخطف أرواح الآلآف إنتظار فرج لن يأتي ، فنحن أبناء العسكر والفقراء أرواحنا رهن كرم الحكومات ومدارسها وشوارعها ومراكز صحتها .
تمرّ نهايات آب ثقيلة ، وقد أخذتك مع غيمها ، متوضئا وخطيب جمعة ، وأعرف أن الموت لم يخيفك ، ولكنها المنايا سبقتك، وكنت تنتظر معركة جديدة لتدافع عن زملاء المهنة ، في أول يوم مدرسي ، فما خيّبت ظن من منحك صوته ، ولا سكت صوتك عندما عبثوا بالمناهج ، وجعلوا التعليم سلعة وتجارة ، ويسكن صوتك اليوم لله الحق الجبار .
سلام عليك يابن الحجايا فمثلك تنحني له الأعناق ، وتبكي عليه البواكي ، ففقدان الرجال لا شيء يعّوضه إلا دعوة لله الواحد أن يسكنك جنة عرضها السموات والأرض ، ورحمة ومغفرة تغشاك ، وصبرا لأهلك ومحبيك .