ستضعنا التطورات الاقليمية المتسارعة في قلب الحدث بعد قتل قاسم سليماني وظهور هواجس عالمية على راسها الخشية من عودة تنظيم الدولة واستئناف العمليات الإرهابية.
المتابعون للشأن الأمني يؤكدون على ضرورة تحرك الحكومة لوضع (خطة طوارئ أمنية ) ترهب الإرهابيين ويشعر بها المواطنون بالطمأنينة والأمان ،وتقوم في جوانبها المكشوفة على تكثيف دائم للدوريات ونقاط الغلق والتفتيش على الطرق في كافة أرجاء الوطن ،وتشديد الحراسة على المواقع والأماكن المستهدفة على مدار الساعة . فعلى ارض الواقع ليس ثمة مؤشرات تدل على زوال التهديدات الإرهابية ،الامر الذي يستوجب استحضار متطلبات الاستجابة للازمة الاقليمية المتفجرة ، وان تعد مؤسستنا الأمنية للإرهاب ما تستطيع من قوة ومن رباط الخيل ،وتتكيف مع الظرف الطارئ على المعادلة الإقليمية والداخلية.
لن ننتظر حتى الغد ،ونطالب بظهور امني فوري ، صحيح ان الوحدات الأمنية الميدانية تعمل بكافة طاقتها الا انها أصبحت لا تتناسب مع الأوضاع الحرجة القائمة وبحاجة لتعزيزات مضاعفة لتتمكن من القيام بإدوار إضافية وتحمّل أعباء المرحلة الثقيلة المقبلة ،إضافة لإعادة النظر في الإستراتيجية الأمنية الحالية والمستنسخة عما قبلها ،حتى تتناسب مع المستجدات المفاجئة والتهديدات الكبرى المتوقعة الناجمة عن تقلب الاحوال الأمنية في الإقليم المشتعل .
قبل أيام تجولت وقت الغروب برفقة احد ضباط الشرطة المتقاعدين في وسط البلد ،وكانت مناطق منصة فيصل وحول المسجد الحسيني وشارع طلال ومطعم هاشم وسوق الذهب والساحة الهاشمية والمدرج الروماني ،مكتظة بالمواطنين والسياح الأجانب ،لكنها غير آمنة والحراسة الأمنية في حدودها الدنيا ،ولو جال مدير الامن العام في تلك الأماكن حينها لشاهد الحال بأم عينية ،وربما ينسحب الوضع على بقية ألاماكن الحساسة الأخرى ،وهذا مثال واحد يمكن للناظر المتابع للمشهد الأمني تعميمه بسهولة على أنحاء المملكة .
نحن على يقين بان مديرية الأمن العام بصدد اعداد وتنفيذ خطة احترازية محكمة في ظل أوضاعها الحالية ،وليس أمامها في هذا السبيل سوى خيار واحد ، وهو المبادرة لإعادة ترتيب الأولويات ،والتخلص الفوري من الحمولة الزائدة غير الضرورية ، وتقليم وحدات الجهاز بإلغاء أو تعليق عمل الوحدات الدخيلة المستحدثة التي تم إيلاجها في جسم المؤسسة الأمنية، وغيرها من الوحدات الهامشية الكثيرة الأخرى ، إضافة لخفض عدد العاملين في الإدارات المشبعة التي تأخذ نصيب الأسد من إمكانيات الأمن العام ،كالسير والترخيص والأجانب ،والعاملين في المكاتب المكتظة في إدارات مديرية الأمن العام الداخلية كالعلاقات العامة وشؤون الضباط والأفراد والديوان والتخطيط.
المطلوب من مدير الامن العام بكل صراحة الإشراف على مغادرة مديرية الأمن العام لقوقعة الروتين بلا تردد لإعادة الانتشار الأمني ، والتخلص دون إبطاء من قيود البيروقراطية الصماء التي تكسو برامجها التنفيذية قبل ان نلدغ من جحر أحداث تفجير فنادق عمان والكرك والسلط مرة أخرى ، فالمرحلة الحالية اشد خطرا وتفرض المرونة واتخاذ إجراءات غير عادية وأكثر جراءة ،لجمع شتات الجهاز وتركيز الامكانيات لتصعيب الخروقات الأمنية المرتقبة التي أخذت تثير مخاوف الناس، وسيطرة مشاعر الهلع على نفوسهم.