في قراءة سريعة للمشروع النووي الذي تعهد به معالي الدكتور خالد طوقان منذ البدايات يجعلنا نسترجع بعض المحطات المهمة لترسيخ الفكرة وتزيينها في نظر المسؤولين، منها ان الاردن دولة تتميز بوفرة اليورانيوم، ولا بد من الاستفادة من هذه الثروة واستغلالها لصالح تخفيف كلفة الفاتورة النفطية الثقيلة على الخزينة والتي تجاوزت 5 مليارات دينار سنويا، هذا التوجه تطلب البدء بتأسيس هيئة الطاقة الذرية واصبح معالي الدكتور خالد طوقان هو الامر الناهي، فإن نجح المشروع فيسجل له وان فشل لا قدرالله فهو من يتحمل المسؤولية. المرحلة الاولى بدأت بمسارع السنكترون في جامعة البلقاء التطبيقية كلية الاميرة رحمة بمنطقة علان/السلط حيث بدأت الفكرة من هناك وتسارعت الخطى وكبرت الاحلام وقدم طوقان رؤيته للمشروع بانتاج الكعكة الصفراء وبناء المفاعلات الذرية لاستخدام الوقود المنتج محليا وتوليد الطاقة والاستغناء عن النفط في انتاج الكهرباء، لقد كانت الفكرة جميلة والاحلام وردية. ولكن أول انتكاسة للمشروع هو انسحاب شركة اريفا الفرنسية التي عُهد اليها استكشاف اليورانيوم ولاسباب متضاربة تم انهاء عملها في المشروع، البعض عزا ذلك لعدم الجدوى والاخر يقول ان الشركة لم تفي بالتزاماتها ، هذا الموقف جعل البعض يشكك بموقف الشركة انطلاقا من فكرة المؤامرة، وان وراء الاكمة ما وراءها. لقد تجاوز القائمون على البرنامج هذه النقطة وقالوا أن الوقود النووي متيسر والمعروض منه في السوق العالمي يمكن الحصول عليه بسهولة وبكلفة عادية في حال بناء مفاعل نووي. وبدات هيئة الطاقة الذرية برئاسة طوقان تبحث بشكل جدي مع الدول التي تمتلك تكنولوجيا بناء المفاعلات ووصلنا الى نتيجة انه يمكن التعاون مع جمهورية روسيا الاتحادية او كوريا لبناء المفاعل، وبدأ الحديث عن اختيار مكان بناء المفاعل وبدأت الصعوبات تظهر لعدم توفر المياه وتم اقتراح جر مياه الخربة السمراء للتبريد في حال بنائه في الصحراء الا ان الموقع المقترح واجه معارضة شعبية، اضافة الى ارتفاع كلفة البناء التي قدرت ب20مليار دولار للمفاعلين يضاف اليهم 5 مليار كلفة بناء شبكة كهرباء تتحمل الكهرباء المنتجة بواسطة المفاعلات النووية. ومع تزايد الضغوط الاقتصادية على الاردن والانفتاح على الطاقة المتجددة ذات الكلفة الاقل بكثير والمعرضة للمشروع، اصبحت فكرة بناء مفاعلات نووية في حكم المنتهية، وبموجبه تم حل شركة الكهرباء النووية وتصفيتها. المشروع الحي الميت لم يفارق وجدان خالد طوقان وظل يكافح من أجل إبقاءه على قيد الحياة، إذا ما علمنا ان اتفاقية الغاز ستلغي اي فكرة منافسة لانتاج الكهرباء وها هو مشروع الصخر الزيتي يلفظ انفاسه الاخيرة. ولمتابعة المشروع استمرت جهود الدكتور طوقان للخروج بشيء يتوج به جهوده ودفاعه عن البرنامج النووي، وقد تحدث عن احتياطي يقدر باكثر من اربعين الف طن من التراب الاصفر"الكعكة الصفرا" التي يقدر ثمن الكيلو منها ب35 دولار وقد تم انتاج اليورانيوم من منجم سواقة بالفعل ولكن لن يستفاد من اي انتاج من هذه المادة كوقود لانها بحاجة الى تخصيب وهذا الامر له محاذيره الدولية . بعد مرور هذه السنوات والعقبات الكأداء في وجه البرنامج النووي اصبحت الاسئلة مشروعة ويجب الرد عليها . - هل فعلا كميات الاحتياطي من اليورانيوم موثوقة وتقديرها ناتج عن دراسات علمية، ام تقديرات؟ - هل سيحقق الاردن خبرات في استكشاف واستخراج اليورانيم وبيع هذه الخبرات للدول الصديقة وذات التربة المشابه؟. - هل سيتم الاحتفاظ باليورانيوم المستخرج كأحتياطي استراتيجي للاجيال القادمة؟. نتمنى على هيئة الطاقة الذرية الانفتاح اكثر على الاعلام وتقديم تفسيرات مطمئنة لنجاح المشروع الذي تجاوزت نفقاته لغاية الان الـ100 مليون دينار.