قادني سوء القدر لمراجعة منطقة الامانه لاستخراج مخطط موقع تنظيمي ، بصعوبة بالغة تمكنت من العثور على موقف بعيد لسيارتي، ترجلت وسلكت طريق شديد الانحدار ،هرولت خلاله تلقائيا ،كنت اشعر بقوه خفية تدفعني الى الامام ، وكدت افقد توازني واسقط اكثر من مره، ثم سرعان ما وجدت نفسي في مواجهة مرتفع شاهق ممتد وفي نهايته كان يقع مبني الامانه . بالكاد وفي نهاية المطاف وصلت ، استوقفني موظف الاستقبال ،سألني ، خدمه؟ قلت مخطط موقع تنظيمي، اشار لي الى زميلة في الجهة المقابلة ،هناك اخذ هويتي ورقم هاتفي ورقم القطعه والحوض وكافة التفاصيل ، كان واقفا وكبس على ازرة هاتفه الخلوي كبسات كثيرة جدا .قال بعدها، اوك، انتهي، قلت كيف؟ قال بامكانك المغادرة ،قلت الى اين؟ قال الى خارج المبني .الى اقرب محلات الصرافة في السوق لدفع الرسوم وستتلقى رسالة على هاتفك الجوال تمكنك من الدفع ،قلت اريد ان ادفع كالعاده هنا ،لدى المحاسب لو سمحت، قال، كان زمان، قلت لقد كنا يا عزيزي ...قاطعني هنا وارغمني على التوقف، وقال الله يسهل عليك عمي ،اكسب الوقت .
في الشارع العام سألت احد المارة ان كان يعرف محلا للصرافه قريب ،لا يعرف، وكذلك رجل اخر لا يعرف ،الثالث دلني على محل كمبيوتر يقدم نفس الخدمه ،لاكتشف انه بعيد ويلزمني استخدام السياره للوصول اليه، انحدرت وارتفعت ، وانهمكت لوقت طويل للبحث عن موقف للمرة الثانية ، وتنفست الصعداء ما ان وصلت ،لكن كان نظام التحصيل الالكتروني معطل عندهم وغير معروف متى يتم اصلاحه ويعود للعمل، وابلغوني ان عليّ اما الأنتظار او الذهاب لمحل مشابه اخر يقع في نهاية الشارع . مره اخرى اواجه مشكلة بعد المسافة وضرورة استخدام السيارة في الشارع المزدحم، وتكرر نفس السيناريو ،وامام محل التحصيل الجديد تعرضت لصدمة وقوفي في طابور طويل وإجراءات معقدة لتحصيل رسوم كل معاملة، كان الواقفون متوترون وغاضبون ،الجميع عابس، البعض كانوا يعبثون بهواتفهم قتلا للوقت الممل، والاخرين بين واجم ومتذمر ومتمتم . انتظرت طويلا وانتظرت، وفي الاثناء وردتني الرسالة على الهاتف، التزمت بالاصطفاف حسب الدور، ثم توقفت أخيرا امام الموظف ،وناولته الهاتف بنشوة ، لكنه اخبرني بان انجاز المعاملة يتطلب تلقى رسالتين وليس رسالة واحدة وان علي الانتظار او الذهاب والعودة مرة أخرى عند ورود الرسالة الثانية، لكنها وردت لحظة ترك الدور . فاستدرت سريعا محاولا العودة للموظف وابلاغه بورودها ، نهرني من في الطابور جميعا وامروني باحترام أدوار الاخرين، ورضخت لوابل الأوامر النارية الصارمة ،وانتظمت في دور جديد تحت طائلة التهديد. .كنت في غايةالسعادة والسرور عندما انتهيت وناولته الهاتف لقراءة الرسالة، ومستعدا لدفع الرسوم واستلام المخطط والتخلص من هذا الكابوس اللعين، لكنه استلم الرسوم فقط وقال الى المكتبة يا عزيزي الان . الى المكتبة لاستلام المخطط من هناك ..قلت مذهولا المكتبة!!؟ أي مكتبة ولماذا وأين وكيف !؟قال من أي مكتبة معتمده لهذه الغاية ،وأضاف انه قد بعث للتو برسالة على الهاتف لعرضها على صاحب المكتبة ليمنحني المخطط المطلوب، واختتم قائلا مع السلامة... ورغم بعد المكتبة فقد قررت حينها ركوب نعلاي بدل ركوب السيارة .حصلت على مخط موقع...كنا نحصل على هذه الخدمة خلال خمسة دقائق من داخل مناطق الامانه...هذه واحده من التطبيقات المسيئة للحكومة الالكترونية ،ويبدو ان كل المعاملات تتم بهذه الطريقة المهينه ...تقدم الى الوراء. وترهل القطاع العام فالج لا تعالج