اريد الضرع الذي اروى الوطن على امتداده علما، وقمحا، وقيادات، منذ أقدم العصور وهي تقدم بلا كلل أو ملل.. إربد حيث تاريخها القديم مشرقا بالعلم، والحضارة، والدم الممتد من الصياد حامل الرمح في تل إربد إلى رجال إربد الذين تمكنوا من اصطياد الأعداء في افريقيا وأضرحتهم شاهد عيان على ذلك؛ ففي ليبيا يسكن قرير العين هناك أحد أبناء إربد بطلا مقاوما للاستعمار الايطالي، وفي فلسطين سطر أبناء إربد كما باقي الأردنيين سفرا خالدا من البطولات من باب الواد إلى اللطرون والقدس وكل شبر في فلسطين سابتعد عن ذكر الأسماء لأن الأبطال لا يتسع لهم الورق والشاشات مكانهم القلب والعقل ورجال إربد الذين حملوا البندقية في مواجهة الأعداء هم أنفسهم من حملوا القلم ليقضوا على الجهل والأمية على امتداد ساحة الوطن منذ التأسيس إلى اليوم وكذلك حملوا مع البندقية والقلم الفأس؛ فكان الإنتاج والخصب فماذا عساي أن أكتب أو أقول في إربد وإلى إربد... كل الكلمات تعجز عن إعطاء إربد وأهل إربد حقهم .
وحتى يعرف الجميع إربد ومن باب الود للأردن وإلى أهل الأردن يتسآل بعض الأصدقاء على امتداد ساحة الوطن العربي عن إربد تلك المدينة الجميلة الوادعة عروس الشمال بالمفهوم الأردني و وجدت من الواجب الإجابة لكل من يسأل عن إربد.
الحديث عن إربد يقودك إلى أقدم العصور حيث كان التل وكهوفه و السور الذي يحيط تلك المدينة الساكنة في قلب هذا التل قديما والساكنة قلوبا حديثا، حيث تشير معظم المصادر التاريخية الى انها تعود الى 3000 سنة قبل الميلاد، و ان الاكتشافات الاثرية اثبتت وبما لايقبل مجال للشك ان هذا التل حوى تجمع سكني ومدينة مزدهرة لها علاقاتها و وجودها على مسرح الأحداث في تلك الحقبة، وان المدينة أيضا مرت عليها كذلك الكثير من الكوارث الطبيعية والبشرية فهذا ليس بغريب على هذه المدينة والتي تمكنت من اجتياز تلك الأزمات من سابق العصور على تاريخ هذه المدينة العريقة فقد تعرضت للزلازل والحرائق والحروب والتي شهدتها المنطقة في عصور ما قبل الميلاد تعاقبت على اربد في تلك الفترة وبعدها عدة قوى مثل الآشوريين و الفرس والفراعنة والرومان والعرب الانباط وكانت مركز تجاري وزراعي هام يتضح ذلك من خلال بروزها في حلف الديكابولس او من خلال انتاجها للحبوب.
دخل المسلمون اربد بعد معركة اليرموك وكانت تتبع الى جند الاردن ومع استقرار الوضع بعد احداث الفتنة واستيلاء بني امية على الحكم اولى بني امية اهتمام خاص الى اربد ثم تراجع هذا الاهتمام زمن العباسيين وتنقلت اربد زمن الامارات المستقلة من إمارة الى امارة في زمن العباسيين فتبعت تارة لطولونيين وتارة للاخشيديد ثم الفاطميين والسلاجقة فالايوبيين حيث عاد الاهتمام بها اثناء فترة الحروب الصليبية لقربها من فلسطين ثم تبعت للماليك وزاد الاهتمام بها ايضا واصبحت مركز بريد وتجارة وعلم وجيش يقول القلقشندي عنها" وهي جل البلاد الشامية، وبها أرزاق العساكر الإسلامية، وطريق الحاج الى بيت الله الحرام، وزيارة نبيه عليه افضل الصلاة والسلام، والى الأرض المقدسة، التي هي على الخيرات مؤسسة، والى الأبواب الشريفة السلطانية، وممر التجار قاصدين الديار المصرية، ومنازل العربان، ومواطن العشران"
ثم خضعت للحكم العثماني وتراجع وضع اربد حيث يصفها الرحالة إدوارد روبنصون في القرن التاسع عشر بقوله:"أمامنا أكوام من خرائب البيوت العادية ، حجارتها مربعة الزوايا ولكنها غير منحوتة، ولاشيء يستحق الذكر، سوى أطلال صرح واحد، يدخل الى الصرح من الشرق، من باب مزين بالنقوش وفي الداخل عمود قائم، وعمود آخر مزدوج، وعدة أعمدة مرمية أرضا، وتاج كورنثي".
كان لإربد دور بارز في دعم الثورة العربية والتخلص من الحكم العثماني فدخلت مع مطلع القرن العشرين تحت الراية الهاشمية وعاد الى اربد بريقها ومجدها وهي الارن درة الاردن وجوهرته تقع شمال الاردن غنية باهلها اهل الحضارة والعلم وبارضها الخصبة حمى الله إربد عروس الشمال وألبسها إكليل الفرح والعز قريبا إن شاء الله.