تصاريح مزورة، اجراءات خاطئة وغير فاعلة، واستجابات ضعيفة، التسرع في القرارات، وغيرها من العناوين لمضامين ومحتويات إعلامية محلية تناقلها بعض المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي تسخر وتحط من قدرنا في وصف إجراءات الحكومة في التصدي للوباء الذي ألمّ بنا وتفاقم عند غيرنا، يقابلها عناوين لآراء وتصريحات صديقة وأجنبية تشيد بها، وتنظر إليها بإعجاب شديد مقارنة مع إمكانيات الأردن وقدراته الاقتصادية حتى اقتربنا قاب قوسين من أن نفاخر العالم بما قمنا فيه.
الدول والأمم التي عظّمت من إنجازاتها، ورفعت من قدر أبنائها وعطائهم، وقفت وصمدت في وجه التحديات والعواصف، ولم تستنزف طاقاتها، في حين أن الدول التي عظّمت من السلبيات، وشككت في مواقف رجالاتها وأبنائها ومؤسساتها وحطّت من شأنها وقدرها، ضعفت وانهارت، فما من دولة إلا وعانت من إخفاقات في جانب، ونجاحات في جوانب أخرى، فنحن لسنا في عالم مثالي، ولا نعيش في المدينة الفاضلة.
لقد باتت حملات التشكيك، والأقلام المتشائمة، الغائرة في الحقد والغيرة رغم قلتها تطغى على كل شيء جميل، وتفسد كل لحظة أمل وتفاؤل في هذا الوطن، فحولت الأبيض إلى أسود، وجعلتنا نتيه في عالم الظن، ونتوجس شكّا في كل خطواتنا وإجراءاتنا، حتى بتنا نتلمس رؤوسنا، ونلتمس في نومنا، وأصبحنا نغرق في كوابيس من القلق والخوف، ونرتعد خوفا من القادم، وكأننا نسير نحو مستقبل مظلم ومجهول.
ونحن نفخر بأنفسنا عند كل محطة مضيئة من محطات حياتنا، وقد لاح لنا في الأفق بارقة من الأمل، يصرّ البعض على إفساد الفرح في قلوبنا، وشد العجلة إلى الوراء، من خلال التركيز على أحداث فرعيّة، وبعض جوانب الإخفاق في الأداء، فيشبعونا جلدا، حتى تخور قوانا وتنهار فينا العزائم، وتضعف فينا الهمم، فيتسلل اليأس إلى قلوبنا فيستنزف طاقاتنا، في وقت نحن بأمس الحاجة فيه إلى تقوية العزائم ورفع المعنويات.
وكأن النقد الجارح الهدّام أصبح لدى البعض منّا غاية وهدف، لتحويل الأنظار عن النجاحات، وافقادنا القدرة على استحضار الإنجازات، وكي ننسى النشوة التي أصابتنا لبعض الوقت، وبتنا نتربص أخطاء وهفوات بعضنا البعض، لعلنا نجد بقعة أو نقطة سوداء تركها عابث فاسد، ولا تعدو كونها وخزة في خاصرة الوطن، لنمحو أو نشوّه بها تلك الصفحة البيضاء، وننثر السواد في كل جزء منها، وكأننا ننتظر بلهفة وبشوق لحظات الفضيحة للتشفّي من غيضنا، والثأر نكاية من غيرنا، فلنتقي الله في بلدنا، ولنركز في مصيبتنا، ولنستر عيبنا ونكظم غيضنا، ولا تنسونا اللحظات الجميلة، والمحطات المضيئة من مسيرتنا ولو لبعض الوقت، ففي وقت الشدّة تسقط الأقنعة وتظهر معادن البشر.