وقد لا يعني القارئ أي صديق أرثي اليوم، لأنه قد لا يعرفه، ومن يعرفه حق المعرفة قلة من أصدقائه ورفاقه ومحبيه. وأنا حقيقة حتى هذه اللحظة لم اكتب رثاء في صديق وإنما كنت أرثي الأحياء قبل الأموات، والباقين عوضا عن الراحلين.
لقد أثارت فاجعة رحيل الملازم الطيار مالك مشعل الزبن ومفاجأتها غصة في الحلق، وانحسارا لمدد الرفقة الجميلة، وانطفاء لومضة نبل إنساني. وإذا اجتمع في المرء النبل وحب الخير وكرامة النفس والوقوف عند الحق فقد ترك الدنيا وهي أحسن مما وجدها... وفي هذا عزاء لنا وأي عزاء.
واني كلما خطرت على نفسي خواطر الرحيل، أو مر ذكر راحل ترك الدنيا أحسن مما وجدها، وجدتني مع مالك مشعل الزبن أستعيد عبارته الخالدة مع زملائه ومدربيه في كلية الحسين الجويه آنذاك : (لاتعاملوني معاملة ابن رئيس هيئة الأركان عاملوني كمالك الزبن ابن قبيلة بني صخر ...) . والمرحوم بالمناسبه إبن عطوفة رئيس هيئة الأركان المشتركة السابق مشعل محمد الزبن.
وأشهد الله أن الصديق مالك مشعل الزبن ترك الدنيا أحسن مما وجدها، وإن فيه خصلتين أقدرهما أيما تقدير: كرامة النفس ونُبل المقصد رغم أن أبيه كان رئيس هيئة الأركان المشتركة إلا أنه كان قريب من زملائه لايشعرهم بالفارق الذي بينهم .
لقد رحل عن الدنيا وهو زائد فيها، ولم يكن زيادة عليها، وقد تركها أحسن مما وجدها.