تخيم أجواء حماسية تشبه أجواء الحرب على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر. وتتصدر وسوم داعمة للقوات المسلحة المصرية التدوينات على تلك المواقع، خاصة وسم #كلنا_الجيش_المصري. وبدأت هذه الأجواء تتصاعد مع الإعلان عن موافقة البرلمان المصري، الاثنين، على إرسال عناصر من الجيش للقيام بمهام قتالية خارج الحدود غرباً، وازدادت سخونة مع نجاح القوات المسلحة في إحباط هجوم إرهابي على ارتكاز أمني في شمال سيناء، مساء أمس الثلثاء.
هذه الأجواء المشحونة طرحت تساؤلات حول مدلولها وتأثيرها السياسي على صناع القرار؟ وما إذا كانت إرهاصات لمواجهة عسكرية محتملة بين القاهرة وأنقرة في ليبيا؟
وتولي القاهرة اهتماماً كبيراً بالصراع الدائر في ليبيا منذ سنوات. وتنظر بعين القلق إلى الدعم العسكري والعناصر المسلحة الأجنبية التي تمد أنقرة بها حكومة الوفاق في طرابلس. وحذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من تجاوز حدود سرت والجفرة، حيث تتمركز قوات الجيش الوطني الليبي التي يترأسها المشير خليفة حفتر، الذي يعتبره خبراء حليفاً للقاهرة.
واستضافت مصر، قبل أيام، قرابة 200 من زعماء ووجهاء القبائل الليبية، وجدد الرئيس المصري خلال لقائه بهم تأكيده استعداد بلاده للتدخل عسكرياً في ليبيا، ولكنه أشار أيضاً إلى أهمية دعوة الليبيين للقوات المصرية للتدخل -وهو ما قام به البرلمان الليبي قبل نحو أسبوع- كما لفت السيسي إلى ضرورة موافقة البرلمان المصري، باعتبارها خطوة دستورية ملزمة لقيام القوات المسلحة بمهام خارجية.
"ساحة للصراع الفكري"
كان النائب البرلماني طارق الخولي، من أوائل الذين أشعلوا الحماس على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، بعد الجلسة السرية التي عقدها مجلس النواب المصري، الذي نشر تغريدة قال فيها: "منذ قليل.. صوتنا بالإجماع من خلال جلسة_سرية لمجلس_النواب، بالموافقة على إرسال قوات من الجيش_المصري للقيام بمهام قتالية خارج حدود البلاد غرباً، وقد وقف أعضاء البرلمان خلال الجلسة تحية للقائد الأعلى والجيش المصري العظيم.. وإنا لمنتصرون".
ويقول الخولي عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري لـ"النهار": "تحولت مواقع التواصل الاجتماعي، في السنوات الأخيرة، إلى منطقة لصراعات الرؤى والأفكار، وكذلك باتت مساحة لمواجهة الشائعات ببعض الحقائق. كل طرف يسعى لحشد أنصاره، ولا يخفى على أحد أن بعض المتربصين بالدولة المصرية يتواجدون على تلك المواقع، لبث الشائعات، ولقلب حقائق معينة، وزعزعة الثقة والتشكيك".
ويرى مدير المركز العربي "أن ما يحدث دفع المواطنين على اختلاف توجهاتهم السياسية إلى تنحية اختلافاتهم مع السلطة، والاصطفاف خلف القيادة السياسية والجيش. كل مواطن مصري حر يدرك أن هناك محاولات من قبل تركيا وقطر لتركيع مصر من الجهة الغربية (ليبيا)، ومن الجنوب باستخدام سد النهضة ومياه النيل".
أما على المستوى السياسي، فإن سليمان يرى "أن حديث مصر مبكراً عن الخط الأحمر، حقق مكاسب سياسية كبيرة، دون اشتباك عسكري، لأنه تم رسم خريطة افتراضية لا يجب تجاوز خطوطها، وتركيا سوف تفكر كثيراً، على الرغم من الحشد والتجييش الذي تقوم به، لكن الخطوات التي اتخذتها مصر والموقف الداخلي يبعثان برسالة قوية إلى الحكومة التركية بأن الأمر جاد، وان القاهرة لن تقف مكتوفة الأيدي، وهذا ربما ما دفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى التدخل، وكذلك خفف من حدة النبرة التركية. وأعتقد أن هناك وسطاء سوف يسعون لتجنب المواجهة بين مصر وتركيا في ليبيا، ومن ثم فإن المواجهة ليست أمراً حتمياً".