ترددت كثيرا أن أكتب عنه ، لمعرفتي به أنه لا يحب المديح والثناء ، وأنه طبيب مخلص لعمله وللقسم الذي أقسمه ، فمنذ أن فتح عيادته في الهاشمية قبل عشرين سنة ، وهو يأتي من المفرق كل صباح مواظب على دوامه ، ولا يغادرها إلا أوقات الصلاة فقط .
يستقبل الدكتور حميدان الزيود مرضاه بكل لطف وربما خرج لملاقاه مريض لم يستطع النزول من سيارته .. ولا تستغرب عندما تمرّ من أمام عيادته المتواضعة صباحا في الطريق الرئيس المار من الهاشمية إلى بلعما ثم إربد ، تشاهد الناس جالسين أمام عيادته لأن المقاعد قد فاضت بالمرضى.
فهو لا يتاقضى ممن قصده أية أجور بدل "كشفية" ، وربما أعطى آخرين ممن يحتاجون العلاج من عنده ، فاستحق أن يكون " طبيب الفقراء " ، لا يرد محتاجا ولا ينهر مريضا ، قليل الكلام ، جدير بثقة الناس رغم أنه طبيب عام ولكنه ناصح أمين إن إحتجت طبيبا أخصائيا أو مستشفا فإنه يقول لك .
تلقّى تعليمه من إحدى جامعات تركيا ، وظلّ وفيّا لرسالة الطب ومساعدة الناس وشفاء آلآمهم ، كان يذهب للحج كل سنة ، يحمل حقيبته على جنبه ، يرافق الحجيج ويمشي على أقدامه مسافات دون تعب باحثا عن مريض أو من يحتاج أن يخفف وجعه.
زرته قبل أيام في عطلة العيد ، وقد فتح عيادته، إستقبلني هاشّا باشّا مبتسما ، يسألني عن أحوالي ودراستي ، كان يرتكي بيديه على طرف الطاولة فشعرتُ أنه متعب ، ومع ذلك يداوم على إستقبال المرضى الذين قصدوه دون شكوى.
الدكتور حميدان الزيود "طبيب الفقراء " ، يمثل نموذجا إنسانيا فريدا ، مخلصا لرسالة الطب في تخفيف آلآم الموجوعين ، لم يتاجر بشهادته ، ولم يتعالى على الناس بعلمه ، وظل وفيّا لأهله ، هي كلمة شكر لك وأعرف أنك لا تنتظر شكري ولكن هي شهادة شكر ووفاء لمن يستحق ، والشكر لك قليل .