لقد سمعنا عن هذا المصطلح منذ فترة التسعينات، والذي له عدة تعريفات ولكن في المجمل فهو يعني وجود حكومة خفيّة تآمرية عميقة في أحشاء الدولة، تمثلها مراكز قوى ، أو سلطة دينية، أو اجتماعية مخفيّة عن الأعين أحياناً ، تعمل ضدّ المصالح الوطنية وجميعها متنفذة و تجمع بينهم المصالح المشتركة ، لتكبح تطور الدولة دوماً، وتقيدها وتسلب مواردها بشتى الوسائل، فتعرقل نمو المجتمع، والمشكلة أنه ليست هناك أيّة قدرة لمؤسسات الدولة الراسخة، تمكنها من إيقاف الشرور العميقة وتحجيم دورها، أو حتى التقليل من أثرها في دول قوية وكبيرة.
هذه القوة الخفية أو المعلنة لها نفوذ في كافة مفاصل الدولة و لهم القدرة على خنق الدولة، وسرقة أموالها العامة، والعبث بأمنها القومي، والبطش وسحق كلّ صوت يعارضها، إذ إنها تمتلك سلطة سرّية تمارسها عصاباتها للأسف باسم الدولة، ولها تأثيرها المخيف على المؤسسّات، وخصوصاً التشريعية والقضائية، يمكن أيضا إضافة جزء متعلق بالبيروقراطية للجهاز الإداري، تلك المتعلقة بأسلوب الإدارة الذي يحافظ بقدر كبير على الوضع القائم دون تغيير أو تطور والحفاظ على المصالح المتشابكة ضد أي تهديد من قبل أي جهة بما في ذلك المواطن نفسه.
لعله من أحد أدوات عمل الدولة العميقة كي تحافظ على شبكات المصالح بداخلها هو استخدام العنف في إطار حالات استثنائية خارج نطاق القانون وهو ما يعرف بحالة الاستثناء بدعوى المحافظة على الدولة من التهديد الخارجي.
خلاصة القول هي أننا أمام تكتل وشكبة معقدة من العلاقات والتداخل للمحافظة على ديمومة المصالح والذي بالتالي تساعد بما يسمى بالدولة العميقة على البقاء لتحقق مصالح كافة الأطراف المتشابكة.
بالنظر لما للدولة العميقة من أثر معيق لتطور المجتمعات، نحمد الله على ان لدينا في المملكة الأردنية الهاشمية المؤسسات الحكومية التنفيذية الراسخة ومجلس الأمة للتشريع، بحيث يتم انتخاب مجلس النواب من قبل الشعب والذي يمثل الرقابة الشعبيه على كافة المستويات وعلى هرم هذه السلطات رأس الدولة جلالة سيدنا حفظه الله.