حياتُنا زَرعٌ وَحصاد، وما يَزرعه الإنسان إياه يحصد أيضاً. وقيمة الحياة تكمن في الزرع لأنه هناك الفرح والسعادة والبركة، وهذا ما يجعل الفلاح الذي يزرع أسعدَ إنسانٍ في الدنيا لأنه يشعر بمعنى وقيمة الزرع بشكل مباشر، فيبذر ويزرع بالتعب والجهد والعرق وأحياناً الدموع، ولكن عند وقت الحصاد تَغمُرُ بيتَه السعادةُ الغامرة.
ومهما زرعنا فسوف نحصد. وربَّ قائل، هناك مَن قد يُفسد زرعنا أو يزرع زواناً في وسط الحنطة، ولكن ثقتنا بأنَّ الزرعَ في رعاية الله، فنحن نزرع ونسقي ونخلد للنوم، لكنّ الله هو الذي ينمّي، هو وحده الذي يعتني ويحرس ويجعل من الزرع حصاداً يُسّر القلبَ ويفرِّح العينين. ما علينا سوى أن نزرع ولو كان ذلك بالدموع والألم، فهل هناك عمل من غير تعب وجهد وسهر واجتهاد؟ ولكن النتيجة مضمونة لأنّ ربّ الحصاد يَعِدُ بالحصادِ الوفير الذي كلُّه حُزَمٌ حُزَمٌ حتى تمتلئ حياتنا بالفرح والترنم.
لربما نحتاج أنْ نعودَ للزراعة، ووزارة الزراعة تكاد تكون وزارة سيادية، لأنه ما الحياة من غير زرع ونتاج. زرعنا في مجالات الحياة المختلفة يُحقق لنا حصاد النجاح والتقدير والإحترام بين الناس وليس مجرد القيل والقال والكلام الفارغ. زَرْعُنا في حياتنا يُعطي ثمراً قد لا يعجب الآخرين وقد يرمونه بحجرٍ غيرة وحسداً ليس لشيء سوى لأنهم بلا ثمر وبلا عطاء وبلا إنجاز.
فمسيرة الزرع يجب أن تستمر لأنَّ الرَّبَ وعد بها بركةَ الحصاد الوفير. وحصادنا يجب أن يَغمر بلدنا بالخير والإنجاز والتقدم والإزدهار. وكما قال المصلح د. مارتن لوثر " لو علمت أن العالم سينتهي لزرعت اليوم شجرة تفاح". وكما قال الحكيم " ارم خبزك على وجه المياه فإنك تجده بعد أيام كثيرة" ( جا 1:11). وكما قال ماو تسي تونج " عندما تقطع شجرة تتبعثر القرود".