الثامن والعشرون من تشرين الثاني لعام 1971 كان يوما اردنيا بامتاز , كان يوما للشهادة وعنوان مجد لرجال ايقنوا بان الروح ترخص في سبيل الوطن , اليوم تابى الكلمات الا ان تسطر تحية إجلال واحترام لشهداء الوطن الغر الميامين فدمهم سكبوه من دون حساب في عروق الوطن ليبقى حرا وسيد الاوطان .
عند هذا اليوم نقف وفي حضرة الشهادة ننحني نقبل تراب المجد الذي ضم بين ذراته رجال اشاوس ما عرفوا يوما معنى للخنوع ولم تنحني هاماتهم الا لله الواحد الاحد .
وصفي التل عنوان عريض من عناوين هذا الوطن , ورجل من رجالاته الاوفياء الذين ساروا غير ابهين بشئ الا الوطن ومجده وعليائه .اليوم يصفق الوطن من جديد وتزغرد الاردنية الحرة ليوم العرس الوطني ليوم الشهادة , اليوم تصغر كل البطولات وكل العطاءات امام مابذله اهل التضحية الحقة التي لم تنتظر المقابل.
في الثامن والعشرون من تشرين الثاني من كل عام نقف عند الذكرى وصاحبها , وتنساب الكلمات وتخط الاقلام سيرة شهيد ارخص الروح الا اننا لانجد الكلمة اللائقة التي تعبر عن فخرنا بوصفي التل ، وكيف يمكن لنا ان نخط بالحبر كلمات تصف اولئك الذين سطروا اسماءهم في لوح المجد بدم الشهادة. وفاضت ارواحهم الطاهرة نحو العلا والى السموات ورائحة دمهم الطاهر تعطر الفضاءات .
وصفي التل ايقونة اردنية تصدرت صفحات الوطن , وبقيت ذكراه عالقة في ذاكرة ذاك الزمان وسطرت افعال تلك المرحلة , وصفي التل هذا الاسم الذي عنون لعقود ميزها الانجاز والخوف على الوطن ومقدراته وشعبه , وانا من جيل لم اعي مرحلته الا انني طالما كان اسمه عنوان جلسات الاباء والاجداد يسردون سيرته وكانما الكبرياء يتصدر الكلام ,
فاحياء ذكراه تأتي في صحوة بعد غفوة استمرت سنوات عجافاً، تمنينا فيها ان تلد الاردنيات الاحرار وصفي اخر يعيد للوطن مكانته وهيبته والخوف عليه , رجال همهم الوطن واهله وتطوره .اليوم وفي يوم الشهادة ننحني إجلالاً لشهداء الوطن الذين ارخصوا الروح في سبيل عليائه ونأمل ن تكون الذكرى وصاحب الذكرى وسير الشهداء حافزا لكل واحد منا اينما كان موقعه, وان نعمل جاهدين على تحصينه ليعود الى السير على دروب مجده... لأن هذا الوطن يتواصل في الذاكرة قصيدة مسكونة بحروف ترسم القلاع، ملونة بفجر يحكي قصة شعب طوّع البحر بعناد شراعه، ومكتوبة بلغة المستقبل المشرق.
في يوم الشهادة نقدّم التحية، وللشهداء ننحني... نقبّل تراب الدم.
في يوم الشهادة ترتعد سماء الوطن , ويرتفع صراخ من رحم الأرض فرحا وترنما برجال تخاووا والموت وصادقوه وهم على يقين وثقة بأن من يتغلغل في نيران الحرب لا بد أن يرى الموت على حقيقته ويألفه.
في هذا اليوم ترتفع رايات البطولة مكان النعوش، ويعلو نشيد كوني تنهض معه الأرض ويعلو المجد اركان الوطن ويقوى الولاء للوطن، ومعه الثقة بمستقبله، بدفاع أبنائه على اختلاف انتماءاتهم، عن استقلاله وسيادته. لتسطع الأنوار المنبثقة من معنى الشهادة لتنير ديجور هذا الوطن الذي سيظل وطنا للمجد والشهادة .