لقد عبَّرت العذراء المباركة مريم عن حقيقة الفرح الحقيقي الغير مرتبط بظروف الزمان أو تغيُّراتِ الأوضاع الخارجية التي قد تحيط بحياة الإنسان. فالإنسان قد تمُّر به ظروف صعبة ومّرة وقاسية، ومِن حوله قد تكون كلُّ الأوضاعِ مدعاةٌ للقلق والخوف والتحسُّب مما هو آت، إذ ليس أصعب من قساوة الأيام وجَور الزمان وظلم الإنسان.
ومن يختبر عمق هذه الكلمات يعرف أنه أحياناً لا مكان للفرح الحقيقي في عالمنا، كما أنه لم يكن هناك مكان في المنزل لولادة الطفل يسوع. ومع ذلك ورغم كلِّ الأحوال إلا أنها لم تحولَ دون ولادة المسيح الذي حُبل به من الروح القدس الحال على العذراء المباركة مريم التي ظللتها قوة العلي، ولم تحول أيضا دون أنْ يولدَ ذلك الفرح الحقيقي في قلب مريم وخطيبها يوسف، بل امتلئ قلبيهما بفرح غامر يفوق كلّ الوصف ملئ مغارة بيت لحم وكل من وَجَدَ المسيح مكاناً في قلبه.
لذلك، تبتهج روحي بالله مخلّصي، ففرح النفس الحقيقي عندما ترى في الله مخلصها وفاديها، وهذا الفرح لا يقدر العالم مهما كثرت مباهجة ومسّراته أن يمنحه لأنه لا يملكه، والوحيد القادر على منحه هو الله عندما تختبر النفس البشرية خلاصه لها. فبإختبار هذا الفرح العظيم نسجت العذراء المباركة مريم خيوط تسبيحتها عندما امتلئ قلبُها وقلبُ خطيبها يوسف بخلاص الله لهما.
ميلاد المسيح هو ميلاد الفرح الحقيقي لحياتنا، فهل نختبره؟