في عمق الفكر السياسي الذي لا يحق لي الخوض فيه كجيولوجي، حيث أترك ذلك لجهابذة القلم والأيديولوجيا، أستميح أصحاب الفكر للخوض في هنيهات قليلة عن الدولة الأردنية؛ تاريخا وسياسة ومستقبل.
فمع دخول المئوية الثانية من عمر الدولة الأردنية والإحتفال بذلك، ذهب البعض (وليسوا بكثر) إلى أمر فيه من الظلم الكثير بحق الهاشميين وبحق الملك، وإفترضوا بأن الأمر فيه إختصار لتاريخ الأردن عبر العصور بمئة عام فقط.
كما وقد ذهب البعض (وليسوا بكثر) إلى حديث يسيء للعهود والعقود والمواثيق، والتي كتبت بالدم والبارود، ووثقت على تراب الأردن، عندما صاغها الحسين بن علي شريف مكة حفيد محمد عليه السلام، مع رجال الأردن ساحة الوغى وبوابة الفتوح، والتي لطالما كانت مقرا وممرا ومنطلقا وسندا لإرساء عز الأمة وعروبتها ودينها.
فالأردن ليس بغريب على الهاشميين أحفاد الرسول عليه السلام، والهاشميون ليسوا بغرباء عن الأردن، ونحن جزء من رحلة قافلة قريش التي تشرفت بحمل نبي الأمة محمد عليه السلام قبل نزول الوحي عليه، ونحن الأرض التي تشرفت بمسرى الرسول عليه السلام ومعراجه، ونحن الأرض التي تشرفت بإحتضان قبلة المسلمين الأولى، ولليوم لقيادتنا الوصاية عليها، ونحن أرض مؤتة واليرموك؛ العلامتان الفارقتان في تاريخ الدعوة المحمدية.
لطالما إهتم الملوك الهاشميون بتاريخ الدولة الأردنية، ولطالما حافظوا على تراثها وآثارها وتاريخها وقلاعها وعلى أضرحتها، فقانون الأوقاف وقانون الآثار العامة من أقوى وأشمل القوانين الأردنية، وأكثرها تطبيقا وردعا، بهدف الحفظ والإستدامة.
ما أن يأتي ضيف كبير يزور المملكة، حتى وترى وجهته وبتخطيط مباشر من الملك لضيفه، وذلك لزيارة المدرج الروماني وجبل القلعة في عمان، وآثار جرش، وآثار مملكة الأنباط في البترا، والقلاع التاريخية، وزيارة متحف الأردن الذي يروي تاريخ الوطن عبر العصور، على أن التشريفات الملكية تقوم بإختيار الأدلاء السياحيين أصحاب الخبرة والدراية التاريخية المميزة لإرشاد الضيوف، وإثراء زيارتهم بتاريخ المملكة المشرف.
الملك يروج للسياحة في مملكته، ويروي قصة المكان للعالم بفخر؛ عن مملكة ميشع والإمبراطورية النبطية وعن تاريخ الأردن عبر العصور، ويحكي قصة كفاح ونجاح في بناء دولة حديثة، ويفاخر بتعريب الجيش، وبالإستقلال، وبمجد معركة الكرامة، ويفاخر بالسدود، ويفاخر بالجيش، ويفاخر بالأمن والأمان، ويفاخر بمؤسساتنا الطبية، ويفاخر بمصانعنا، ويفاخر بمؤسساتنا العلمية، ويفاخر بدولة قانون ومؤسسات، ويفاخر "بالأسرة الأردنية" كما أسماها الحسين بن طلال طيب الله ثراه؛ نعم أسرة واحدة تتكون من ملك محب وشعب وفي.
قد يكون هنالك أحيانا تضييق على الحريات بحكم الظروف، وندعو للوصول إلى حريات مصانة شريطة أن تكون مسؤولة تنقد ولا تجرح، تبين وتبني بينما لا تضلل ولا تهدم.
عن المستقبل، فالمشروع النهضوي الملكي يمثل فكرا عميقا لجلالة الملك وشعبه، كما ويعد مشروع المئوية الثانية من عمر الدولة الأردنية الحديثة، ويعد وليدا صحيا ينمو ويكبر بعناية، رغما عن الظروف القاهرة من وباء وتعثر إقتصادي عالمي، ويمهد وليس ببعيد إلى تحقيق طموح شعبنا ورفاهه.