بقلم اللواء الركن (م) الدكتور محمد خلف الرقاد مدير التوجيه المعنوي الأسبق
بداية .. نبارك لقواتنا المسلحة الأردنية الباسلة النقلة الإعلامية العسكرية النوعية على طريق تطوير الإعلام العسكري الأردني ، فالقوات المسلحة الأردنية أم المؤسسات منذ أن تزامن إنشاء الدولة الأردنية والقوات المسلحة الأردنية / الجيش العربي في وقت واحد منذ عام 1921م ، فقد شكّلت على الدوام الذراع المتقدم لاستراتيجية الدولة العليا في المجالات كافة ، وها هي اليوم تنفذ خطوة تطوير استراتيجية على طريق تطوير الإعلام العسكري الأردني الذي شكل أحد المرتكزات المهمة في الاستراتيجية الإعلامية الوطنية ، وقد أكْدْتُ على هذا – كما أؤكد دائماً – في كتابي : " الإعلام العسكري الأردني : الاستراتيجيات والسياسات والوسائل " الصادر في عام 2006 على أن الاستراتيجية الإعلامية الوطنية التي لا تأخذ بعين الاعتبار الاستراتيجية الإعلامية العسكرية والأمنية بعين الاعتبار، فهي - من وجهة نظري – تبقى غير مكتملة ، وتنقصها عناصر مهمة .
تأتي هذه الخطوة الهامة في اتخاذ قرار في البث للمحتوى الإعلامي العسكري في الاتجاه الصحيح مثلما تأتي في إطار استراتيجية القوات المسلحة في تطوير تشكيلاتها ووحداتها ودوائرها المختصة ، ومنها مديرية التوجيه المعنوي المعنية بالعملية الإعلامية العسكرية لإحدى أهم مؤسسات الدولة الأردنية وهي المؤسسة العسكرية الأردنية التي ما فتئت تتطور كل يوم، وبخط صاعد ومتسارع ، كي تواكب روح العصر والتطورات العسكرية الحديثة في العالم ، وتتساوق مع ثورة الاتصالات والمعلومات والتقنيات الحديثة ، وهنا تجدر الإشارة إلى مناحٍ عدة في مجال اتخاذ هذه الخطوة الإعلامية العسكرية الاستراتيجية من أهمها :
أولاً : القيادة الهاشمية الواعية والمدركة لمتطلبات تطوير قوة الجيش العربي منذ بداية تأسيس الدولة الأردنية، حيث أدركت أهمية الإعلام بعامة والعسكري منه بخاصة ، وسنعرج على بعضٍ من محطات هذا التطور منذ أن أطلق الشريف الحسين بن علي منشوره الأول الذي بين فيه أسباب قيام الثورة العربية الكبرى ، ومنذ أن أنشأ جلالة المغفور له الملك عبدالله الأول ابن الحسين صحيفة "الحق يعلو" عندما وصل إلى مدينة معان في أواخر عام 1920م ، ومنذ أن أسست القوات المسلحة / الجيش العربي لإعلام عسكري من خلال إصدار المجلة العسكرية في أربعينيات القرن العشرين ، واستمر هذا التطور بشكل مؤسسي حتى تم إنشاء مديرية خاصة للتوجيه المعنوي تعنى بالمعنويات وبالإعلام العسكري ، ومن ثم إصدار مجلة الأقصى العسكرية في أواخر عقد الستينيات من القرن المنصرم ، والتي تحولت إلى مجلة عسكرية نصف شهرية ومن ثم إلى شهرية في أواسط سبعينيات القرن الماضي ، وما زالت تصدر بانتظام حتى هذا التاريخ وبانتظام ، ومن ثم استمر التطور بإعداد برنامجيين إعلاميين أسبوعياً من خلال مؤسسة الإذاعة والتلفزيون في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين أحدهما إذاعي والثاني تلفزي، وما زالا مستمرين في البث وبانتظام ، ، وفي عام 1998م حققت مديرية التوجيه المعنوي خطوة إعلامية نوعية بتأسيس إذاعة "صوت النهضة" التي انطلق بثها عند الساعة الرابعة من يوم 1 آذار 1998 في ذكرى مناسبة تعريب قيادة الجيش العربي ، ومن ثم أطلق عليها جلالة القائد الأعلى الملك عبدالله الثاني بن الحسين اسم إذاعة القوات المسلحة الأردنية /الجيش العربي بعد أن افتتحها في عام 1999م ، وما تزال تغرد بأفكارها وبرامجها العسكرية خدمة لقواتنا المسلحة حتى هذا التاريخ ، حيث ثقدم جيشنا العربي بأبهى صور تطوره وكفاءاته وقدراته المتطورة ، وفي نهايات العقد الأول من القرن الواحد والعشرين تم إنشاء الموقع الإلكتروني للقوات المسلحة الأردنية الذي ما يزال يقدم القوات المسلحة بقوتها وكفاءتها لمن يبحث عن المعلومات ، ومن ثم الخطوة الإعلامية الأخيرة - التي أثارت الشجن للكتابة عن الإعلام العسكري الأردني – والتي أخرجتها القوات المسلحة إلى حيز الوجود بقرارها الرصين ببث المحتوى الإعلامي العسكري ولمدة ساعتين أسبوعياً على القناة الأردنية A 1JORDAN TV) ) ، بحيث تشكل هذه الخطوة إضافة نوعية كقوة إعلامية عسكرية تضاف إلى قوة جيشنا العربي الباسل .
ثانياً : من الأمور الجديرة بالإشارة إليها هي أن القوات المسلحة الأردنية الباسلة هي مؤسسة المؤسسات ، ويتم تطويرها وفق استراتيجيات مدروسة ترتكز إلى خطط دقيقة تبني على الإنجاز وبشكل تراكمي ، بحيث يبني القادة والمديرون على إنجازات من سبقهم من زملائهم ، وهذا يعكس مدى المؤسسية الناجحة التي تتركز في مفاصل القوات المسلحة ، فالقائد اللاحق يبني على إنجاز القائد السابق ، لا أن يمحي كل ما أنجزه سلفه ، لقد اجتهد رؤساء الأركان السابقون من أجل تطوير الفوات المسلحة بتشكيلاتها ووحداتها وأجهزتها المتخصصة ومن ضمنها مديرية التوجيه المعنوي كمؤسسة متخصصة في العملية الإعلامية العسكرية والتوجيه المعنوي ، واستمر هذا التطور في هذه المديرية والذي نأمل أن يصل إلى مستوى إنشاء محطة تلفزة عسكرية خاصة بالقوات المسلحة ، مع إدراكنا إلى أهمية الأكلاف المترتبة على إنشاء مثل هذه المؤسسة الإعلامية العسكرية المتلفزة ، وإدراكنا للتطور التقني المتسارع في العالم الذي قد تكون التلفزة والفضائيات ليس هي الصف الأول في مجال وسائل الاتصال الجماهيري مستقبلاً ، لكن على الأقل في المستوى المنظور، ، وكان مديرو التوجيه المعنوي يسعون ما وسعهم الجهد في تطوير استراتيجيات وسياسات ووسائل إعلامية لتطوير الإعلام العسكري ، وكان لكل منهم بصمته الخاصة في هذا المجال مما سيسجله لهم التاريخ العسكري .
ثالثاً : يدرك الكاتب عظم المسؤولية الإعلامية التي ستحملها مديرية التوجيه المعنوي لتنفيذ هذه الخطوة وتطويرها ، فهي تحتاج إلى اجتراح استراتيجيات إعلامية عسكرية ، وتخطيط إعلامي متماسك لدورات برامجية تحمل فكراً عسكرياً ورسائل إعلامية عسكرية مدروسة تقدم القوات المسلحة بصور قوتها وقدراتها وكفاءات منسوبيها مع مراعاة دقيقة للأمن الإعلامي يحفظ خصوصيات الأمن الإعلامي العسكري ، مما يجعلنا - في بيئة الانفتاح الإعلامي اللامتناهي - أكثر تعاطفاً مع طواقم التوجيه المعنوي ذات الكفاءات العالية والمؤهلات المتخصصة في أشكال الإعلام التلفزي والإذاعي وفن الإخراج والعلاقات العامة، فهم أهلٌ لها في إطار حرص استراتيجية القوات المسلحة على تطوير الكفاءات البشرية وبخاصة في مديرية التوجيه المعنوي في إطار التوجهات الإعلامية العسكرية الجديدة ، ونرجو الله أن يعينهم على حمل المسؤولية .
مبارك لقواتنا المسلحة الباسلة ولمديرية التوجيه المعنوي هذه النقلة الإعلامية النوعية ، ولا بد من القول - وبدون مجاملة – ما كان هذا ليتحقق لولا دعم جلالة القائد الأعلى الذي يدرك تماما بأن الإعلام قوة تضاف إلى قوة الجيش العربي ... فتحية إلى جلالة سيد البلاد والقائد الأعلى للجيش في مئوية الدولة الأردنية ، وتحية إلى سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الحريص على تنفيذ توجيهات جلالة سيدنا بالاهتمام بالمتقاعدين العسكريين ، ومثلها لعطوفة رئيس هيئة الأركان المشتركة الذي يحسن التقاط توجيهات جلالة القائد الأعلى ويرسم تفاصيلها ، ويحرص على ترجمتها إلى واقع ملموس ... حفظ الله الأردن وأهل الأردن بقيادتهم الهاشمية ، وحفظ جلالة القائد الأعلى ، وقواتنا المسلحة الباسلة .. ومبارك لمديرية التوجيه المعنوي .