الأردن ولد في النار لكنه عصي على الاحتراق, قدر هذا البلد أن نشأ في وادٍ غير ذي زرع, هذا صنع إنسان أردني كالفولاذ, يتكئ على ندرة الموارد, وشح الإمكانيات, وانحباس الأمطار, والابتلاء بالسنين, لكنه ينمو كشجر الصفصاف شامخاً يعانق السحاب, اعتاد الأردني على النخوة والعزة والكبرياء, لا يكسر الفقر له خاطر, ولا تنال الحاجة منه انحناء, ولا يجرح له الدهر كرامة, فالمظلة الهاشمية تمتلك أحقية القيادة وفضل النفس والنسب, تقي الأردني شظف العيش, ترفده بكرامة الحياة, فتبادلنا الإحسان بالإحسان, وبان جزاء الشكر بالعرفان.
هناك من يكره الأردن لمزاياه وليس لعيوبه, بلد يجتاز ضائقة اقتصادية وجائحة وبائية, قادر على البقاء والازدهار, فزرعوا محطة اختبار, وأقاموا حاجز إعاقة, ربطوا عقدة بحبل الأمل الطويل, كلنا نؤمن أنها محنة زائلة, وسحابة صيف تنقشع, ومياه صافية سقط ما يعكر صفوها, دولة عمرها مئة عام لا تنحني أمام رياح عابرة, ولا تهتز جذورها نتيجة لسيول طارئة, دولة صلبة القيادة, صعبة الانقياد, لحم الدولة مر المذاق, وعظمها سم قاتل, غير قابل للهضم والابتلاع, أنياب الوطن حادة ساحته عصية, جدرانه عالية, أسواره منيعة, وطن مزروع في الضمائر يستوطن القلب والوجدان.
الوطن غير قابل للقسمة, أثبت جلالة الملك عبدالله الثاني للدنيا قدرة الأردن على القيام بالدور السياسي والدور الأمني لحماية استقرار الإقليم, وحفظ السلم والأمن الدوليين, فأصبح الأردن مصدر للطمأنينة, عامل للتوازن, يحظى بإعجاب العالم, وما دون ذلك سراب يحسبه الظمئان ماء, أو ربما أحلام يقظة, تبني قصوراً في صحراء التيه, تتمنى عصا موسى لغاية في نفس يعقوب, أحياناً ربما تأتي الضربة من حيث لا تحتسب, لكن حلاوة الصبر وأناة الحكيم تتغلب على مرارة المصاب, حمى الله الوطن وقائده المفدى.