أكثر فترة يشعرُ فيها الإنسان بقربه من الله هي فترة الصعوبات و الآلام، ولربما لأنّ هذه الفترة التي يشعر فيه الإنسان بأنّ اللهَ أقرب إليه من أي مخلوق بشري، ويسمعُ أنين قلبه وخلجاتِ روحه.
وفلسفةُ الحياةِ لا تخلوا من الصعوبات والآلام، وليس معصوم منها إنسان، لا الغني ولا الفقير، لا القوي ولا الضعيف، بل هي كأس نجترعه جميعناً، ولكن حلاوة تلك الصعوبات وتلك الآلام على مرارتها أنها تقربنا من خالقنا وتكشف لنا عمق محبة الله وعونه لنا، حتى ولو تخلّى عنا كلَّ الخلاّن والأحباء والأصدقاء وأصبحنا عندهم غرباء.
وهذا القرب من خالق النفس وباريها يمنحُ النفسَ البشريةَ قوةً تفوق قوى البشرية مجتمعة، فيرى الإنسان في الله مصدرَ قوته، التي تساعده على إحتمال أصعب الظروف وأقصاها، فحيث تعجزُ اليد البشرية والقدرةُ البشرية عن تقديم العون، هناك تمتد اليد الإلهية والقدرة الإلهية الصانعةُ ببأسٍ والمرتفعةُ على الدوام لتصنع معنا المعجزات.
وهذا الشعور في قلوبنا بقوة الله تجعلُه أنْ يصبحَ ترنيمةً في حياتنا، ترنيمةً صادقة نابعة من قلب مطمئن غير خائف، وواثق بأنَّ نجاته وخلاصه قريب. فأصدق الكلمات وأعذب الإلحان هي الصادرة عن القلوبِ المتألمه لأنها تحمل أعمق معاني التسليم والثقة بقدرة الله.