ما إن صدرت الإرادة الملكية السامية بتشكيل لجنة برئاسة دولة سمير الرفاعي وبعضوية تتكون من ثلاثٍ وتسعين شخصية بارزة -مهمتها تحديث منظومة الإصلاح السياسي في الأردن- وإذ بالمواقع الإلكترونية تتداول الخبر كسرعة البرق، كما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي والسوشال ميديا ما بين مباركات وتهنئة أو انتقادات حول كثرة أعداد الأعضاء في القائمة أو الاعتراض على عدد من الشخصيات التي ضمتها هذه القائمة، كما اعتُرِض على رئيس اللجنة المكلف شخصيًا.. وهذا أمر متوقع و طبيعي ..
جاء تشكيل هذه اللجنة في الوقت الذي تعالت فيه الوتيرة التي تنادي بضرورة الإسراع بالإصلاح، واهتمام جلالة الملك ومتابعته شخصيًا من خلال لقاءاته المكثفة لشخصيات وطنية بارزة ، والحراك الذي قام به دولة فيصل الفايز رئيس مجلس الأعيان مؤخرًا ..
بدايةً نبارك لوطننا الغالي ولهذه الكوكبة البارزة والقامات الوطنية ثقةَ جلالة القائد، إذ يتطلع جلالته كما يتطلع الأردنيون جميعًا وصول اللجنة لمخرجات مستقلة، مبنية على لغة الحوار والأوراق النقاشية لجلالة الملك، والخروج بمنظومة من التحديثات والطروحات لقوانين قادرة على ولادة عهد جديد يواكب المستجدات والتطورات الحديثة.
وعلى الرغم من تعدد وجهات النظر حول تشكيل اللجنة، إلا أنها تضمنت ذوات من أصحاب الخبرة والكفاءات الوطنية والحزبية المتباينة ، وفي نهاية المطاف الاختلاف والتنوع لا شك بأنه سيصب لما فيه مصلحة الوطن .
لقد أصبح الإصلاح السياسي والاقتصادي بشقيه ضرورة ملحة وليس ترفًا اجتماعيًا ..في ظل التحديات الصعبة التي يمر بها وطننا الغالي والتي أفرزتها جائحة كورونا ، والأوضاع السياسية الملتهبة في دول الجوار ..
كما أن الإصلاح ضرورة ملحة على الصعيد الداخلي؛ فلم تعد القوانين الناظمة للحياة السياسية تلبي طموح المواطن الأردني والأوساط السياسية الأردنية ..
فلقد كان هناك محاولات سابقة واقتراحات تنادي بالإصلاح، إلا أنها كانت في معظمها فقاعات في الهواء ولم ترتقِ إلى مستوى الأهمية ولم يكتب لها النجاح ..
إنّ المواطن الأردني وجميع الأوساط السياسية والحزبية متعطشون للإصلاح فعلًا لا قولًا ..
ويأمل الأردنيون أن يلمسوا الإصلاحات على أرض الواقع ، إصلاحات تساهم في بناء دولة قوية عمادها المساءلة والمواطنة والعدالة ، ونبذ جميع أشكال المحسوبية والفساد وتعظيم قوة القضاء والقانون .
في المئوية الثانية للدولة ، نأمل بإصلاحات تضمن مشاركة أكبر في الحياة السياسية، إصلاحات تضمن الحريات ، والعمل المؤسسي، دولة الكفاءات والانجاز والعمل..
دولة مؤسسات قادرة على النهوض بالمواطن الأردني صحيًا وفكريًا وتعليميًا ..
في المئوية الثانية للدولة آن الأوان أن نفكر بطريقة أخرى، وليكن تفكيرنا خارج الصندوق الذي كبرنا واعتدنا عليه..أن نسعى لبرلمان قوي قائم على الأحزاب، أحزاب لها دور تمثيل حقيقي تشارك في صنع القرار وتشكيل الحكومات،
نريد شكلًا مختلفًا وإطارًا جديدًا ، ورؤية واضحة لمستقبل أكثر إشراق...
لقد فقد المواطن الأردني ثقته بالحكومات المتعاقبة وباللجان المشكلة. ..
وعلينا أن نتعلم من الماضي ، علينا قراءة ما بين سطور المئوية الأولى للدولة ، وأن نضع أصبعنا على الجرح لعلاجه.
لذلك نرى في هذه اللجنة بارقة أمل للأردنيين ، وهي الفرصة الأخيرة لإقناع المواطن، وإعادة الثقة بالحكومات ، وإعادة هيبة الدولة.
إنّ القاسم المشترك الأعظم بين أعضاء هذه اللجنة، هو حب الوطن ومصلحته ، وإنقاذ ما تبقى لنا من الكرامة والحرية والنزاهة لبناء تنمية مستدامة .
نحملكم الأمانة والمسؤولية بقيادة مركب الإصلاح فعلًا لا قولًا..لبناء حياة أفضل لأجيال قادمة ..ولا نريد أن نطبق المثل القائل " إذا أردت أن تفشل عملًا فشكل له لجنة للمتابعة"