لقد بات السواد الأعظم من الشعب الأردني وهمه الأكبر هو التركيز على لجنة " تحديث منظومة الإصلاحات" السياسية والإدارية ..... الخ ، باعتبارها المنقذ الأعظم لحياتنا ولضمان مستقبل مشرق مفعم بالديمقراطية والحريات والعدالة والشفافية ... وغيرها من المصطلحات والمفاهيم الرنانة التي يطالب بها غالبية الإصلاحيين .
وما أن شكلت اللجنة الملكية لتحديث منظومة الاصلاحات، إلأ وبدأ التراشق والهجوم واستخدام كافة أنواع الأسلحة الفتاكة، ولم يهدأ الشارع الأردني إلا أذا ضمت اللجنة (3) مليون مواطن اردني على الأقل .
إن مخرجات اللجنة مهما كانت ، ليست الحل السحري لعلاج جميع مشكلاتنا ، ولم تصبح طريقنا مفروشة بالزهور والورود، ولا ليالينا وأيامنا بقمر وربيع، إن الاصلاح هوثقافة فردية ومجتمعية أكثر منه اجراءات وأنظمة وقوانين وضوابط.
نعم ، القوانين والانظمة والتعليمات هي من الضوابط الآساسية لعمل أي دولة، والمكون الأساسي للمخرجات هو ( القانون والهيئة القضائية ) باعتباره نظاما للحكم الديمقراطي ، وحكومة قوانين لا حكومة أشخاص.
لن يحدث الاصلاح السياسي ما لم يسبقه إصلاحا فكريا و ثقافيا ودينياً يعيد الحرية إلى الإنسان في تقبل الاختلاف ويمنحه حق المساءلة وطرح البدائل عن القضايا الفقهية والسياسية والاجتماعية التقليدية التي حكمت وسيطرت على الفكر والوعي العربي ا على مدى قرون عدة.
وحتى يحدث الاصلاح في التغيير الثقافي ويصبح ثقافة ، لابد أن ينبثق رحم ابناء المجتمع ومن نبضات قلبهم . وتبدأ من مراجعة الذات ونقدها، وإعادة النظر في مفاهيمها وطموحاتها، ولعل تحرير الطاقات العقلية الإيجابية يكمن في جذر الإصلاح السياسي والاقتصادي ويمثل المحرك الأساسي للتحولات الاجتماعية فإن العناية بالبعد الثقافي والشجاعة في توصيف أوضاعه ونقد مكوّناته وتحديد نواقصه تصبح عملا ضروريا يمثل الضمانة الحقيقية لنجاح مشروعات الإصلاح، وأساس لا بد منه لكل الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، مما يعني إطلاق الحريات الدينية لمقاومة تيارات التعصب والتي يغلب عليها طابع الجهل والتخلف، والنزعات التي تتبناها الأقليات المحبطة وتذويب طموحات الجماعات التي تلوذ بالدين في مشروعات مدنية حرة تستقطب جهدها وتفتح الباب أمامها للتحقق السياسي
ان الله خلق الانسان ليكون مخلوقا قابلا للمجتمع البشري ، ووهبه اللغه وميزه بالفكر عن سائر مخلوقاته. ليكون أنساناً متميزأ ومنفرداً وليس تابعأ وخانعاً.
فالدولة اذن هي نتاج اللغة ، لذلك لاتنشئ الحيوانات دولة، الدولة نتاج التعبير، ولذلك تكون حرية التعبير هي الدولة بمعنى آخر. ولاتوجد في الديكتاتورية غير لغة واحدة بصوت واحد، بينما تتمتع الديمقراطية بلغة واحدة ولكن بعدة اصوات. ولايضبط ايقاع هذه الاصوات المتعددة سوى حكم القانون . فالتنظيم القضائي احد اهم سمات الدولة الديمقراطية..
ذاتك أولى بالإصلاح، يولد الانسان معنونا للحرية التامة، متمتعا بدون تحكم او سيطرة بكافة الحقوق والامتيازات التي وفرها له الحق الطبيعي متساويا مع كل الاخرين في كل مكان)لوك
ان إصلاح النفس يبدأ من الفرد نفسه ،ليكون نموذجا رائدا” يتماثل مع المجتمع به ، إن أكبر الإصلاحات الثقافية في التاريخ وأكثرها بدأت بأفراد صنعوا التصحيح في سلوكهم وكانوا قدوة لغيرهم ، إن "إصلاح الأمة يبدأ من إصلاح النفس". إننا إذا أردنا لوطن أن يزدهر ولمجتمع أن يتفوق فعلينا الرجوع للخلية الأولية للمجتمع، وإلى اللبنة الأساسية وهي سلوك الفرد. لا شيء يحتاج إلى إصلاح أكثر من عادات النفس. إنها قيم نبيلة ولا تقل أهمية عنن الاصلاحات الأخرى.
فما أهمية الإصلاح السياسي إذا كان منا من يكذب أو يغش ، أو يخون أو يظلم الآخرين أو يثير الفتن بين الناس، أو إذا كنت أنانيا، وجشعا... ألخ.
الإصلاح ثقافة فردية ومجتمعية ومسؤولية دولة ، والفرد ليس بمنأى عن مجتمعه ومنسلخ عن مواطنته وهويته.