سألت صاحب حكمة مرة كيف تكون هادئا والامر من حولك متلاطم يشوبه حراك سريع ولغط كثير واهواء متضادة، وانت مازلت تتحرك باسلوب متزن وتعمل بهدوء وتشتبك فى بعض الاحيان وتقوم فى القراءة او الكتابة فى معظم الاوقات تذهب الى ندوة او لقاء فتثريها بما تحوى من مخزون معرفي عميق لكنك تبتعد مجالسة من دون ذلك أ هذه هى حكمة ام عنوان ذكاء؟.
فأجاب باسهام لم اعهده منه وبدا يقول واما الحكمة فهى صفة مرتبطة ارتباطا مباشرا بالذكاء ومنطوق القرار وهنالك من يعتبرها راجحة عقل واخر من يكيلها بميزان تقديري حيث يرجح المقبول على غير المقبول وكما تقترن بحكم عادل وببصيرة ثاقبة وهنالك من يميز الحكمة عن الذكاء عبر تمايز طبيعة تكونها وهو يصف الذكاء باعتباره حالة ذاتية فطرية بينما الحكمة تاتي جراء خبرة من وحى اكتساب التجربة هذا اضافة للعلوم المعرفية المكتسبة وايا ما كان تكوينها فان ما يميزها تلك الصفات الموصولة بالسلوك والتى تظهرها سماتها.
واردف قائلا ان من سمات الحكمة ميزاتها الظاهرة والتى تميزها «شمولية المزيج المركبة بين المعرفة والدراية والفهم العميق مع التسامح والتوازن فالفكر والنهج « وهو ما يميز الحكيم عن غيرة من العامة وتظهر هذه الصفات فى تصرفاتة وتعاملاتة وافكاره الخاصة حيث يمتاز بقدر من التفاؤل ويمتلك قدرة على الهدوء عند مواجهة الصعاب وكما يمتلك رؤية الصورة الكبيرة للمشهد العام وتصوراته وهذا ما يجعله قادرا على تفسير الامور بطريقة موضوعية من زاوية واقعية تفاؤلية.
ثم اضاف ولان قول الحكيم فى الغالب الاعم يستند لحكمة فان من ابرز ما قيل وتردد عن الحكماء هو ذلك القول «ان العمل على تسخيف الامور لا يعني سخافتها بل يعنى اهميتها ولولا اهميتها لما كان تدبر التسخيف واقع ذلك لان التدبر فعل هو دليل اهتمام جاء من بعد عمق تفكير وادواته غالبا ما تكون معلومة ومرصودة وأما التعامل معها فيكون بالصبر والآناة، من هنا اقترن المكر بالله فيمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. هذا لان التدبير كان دائما فعل شيطاني واما الحكمة فهى فتوحات اعمال ربانية وهداية واصلة من علم اللدن الإلهي، واما الاغراق فى التدبير يقابلة دائما ارتقاء الى مستويات اعلى من منازل الاحتواء حتى ترى الامور صغيرة وفى الدرجات الدنيا وعند اسفل القاع.
وبعد إسهاب فى التعليل والتعريف قال لى فالحكمة يا صديقى ان ترتفع وتترفع عن صغائر الامور وفسافس اللغط فان دخلت فيها كنت عندها وان اشتبكت معها كان حجمك بحجمها فلا تكن حشرة ارضية وكن صقرا نايفا على مرقاب يرى ويبصر ويفكر ويستبصر فان طار حلق وان غاب جاب وهذا ياتي مع قلة البيع وكثرة الشراء فى المجالس واما البيع فهول القول واما الشراء فعنوانه الصمت.
فلا تبع الا سائلا ولا تشترى من دونك هى هذه الحكمة وهذه وسماتها وتلك هى صفاتها واسرارها ولك ان تلتقط من نماذجها نموذجا يكون لك.