ما تذكر البادية الا ويحضر في الخاطر فرسانها وعشاقها وعيونها واقمارها ، لهم الخيول المطهمة صهيلها وعدوها وضباحها ، ولهم شواهد الايام والوقائع :
" اقلط على قراك يا طيب الساس انتم اهلها في السنين الطواري
ربعك بني صخر على الخيل فراس يوم شقر الاصايل لضعنكم تباري
ما عترضها من لبس السيف والطاس كن حوافر خيلكم تقدح شراري " .
ميدانهم الصحراء ، ميدان متسع وبعيد المدى طويت فيه القفار والفيافي تعدو فيه خيولهم من العلا الى طبريا لا يوقف مدها احد ، سلاطين وامراء لانت لهم الارض وانسانها لا يسمع فيها الا ضباح خيولهم ، عنوان حياتهم " خذوا الخلق الرفيع من الصحارى فأن النفس يفسدها الزحام " .
نسب يشرب من جذام ، وبأس يرتوي شكيمة وأنفة وشموخ ، ما غابوا عن ساحات البطولة ، صهيل مجدهم يتردد " على هذا الاديم الواسع المترامي الاطراف ، المفتوح على فضاءات غير محدودة ، من رحم الصحراء الودود الولود ، مراعيهم تمتد من الطبيق الى المزيريب " انتم حمول الخيل يوم الملاقاه وحماية الخايف يوم الكواين " .
" سقى الله حياً بالموقر دارهم الى قسطل البلقاء ذات المحاريب
سواريّ تنحى كل آخر ليلة وصوب الغمام باكرات الخبائب ".
وقف هنا الملك المؤسس في حاضرة من حواضر حمر النواضر في زيزياء وخاطب المكان بقصيدة جميلة ومخاطبة المكان رسالة احترام وتوقير لاهله :
" وكذا الزيزياء ما اجملها حوضها المعروف للماء سكب
إن في الزيزياء روضاً ماثلا مثل فصل الصيف في دين العرب " .
كلما ذكرت البطولة وصولة الفرسان توشك البوصلة أن تشير إلى " راعين العرفا البواسل " ، فعلى نصال سيوفهم وعلى أسنة رماحهم تحطمت أسطورة الاخوين على موجتين متتاليتين ، كل موجة عشرين راية ، فاستحقوا عن جدارة أن يكونوا سور البلقاء وعمودها :
" بني صخر الموت سلال الارواح متحزمين فوق سرد المهارا
تسعين بيرق يا قليلين الارباح وكل طشه من يمينه وناره " .
" انا من اللي يقابل الجود بالجود وانا من اللي مرجلتهم محاظر
اذا حضرت اكفى واذا غبت مفقود واذا امشي لقدام واناظر
وبالموقف اللي يبيض الوجه موجود وبالحضره اللي ترفع الراس حاضر
ما افتخر بهدومي البيض والسود ماني من اللي يفتخر بالمناظر
انا افتخر بمهرة لها سرج مشدود اموسمه في وسم حمر النواضر " .
وكأني في مرابعهم اسمع " تراتيل الحجاج وادعيتهم وهم يستريحون هنا في طريق ذهابهم او ايابهم في الحج " .
" جزى الله حياً بالموقر دارهم وجادت عليه الرائحات الهواتك
بكل حثيث الوبل زهر غمامة له درر بالقسطلين حواشك " .