في زمن كان فيه الغزو شيء مشروع بل كان من اعظم مراتب الشرف لدى الرجل والمتأمل لطبيعه المجتمع البدوي يرى الفرد يعتمد اعتماد كلي على الجماعة في الدعم والحماية والرفقه وان الفرد لا يستطيع لوحده محاربة الدولة او عشيرة معادية . وقد اتسم البدو بعادات فرضتها عليهم الصحراء فعرفت فيما بعد (( بالعرف )) ومنها اعراف الغزو الذي نتحدث عنه
(( الردة )) وهي نوعين (( ردة على القوم )) وتكون عادة من جميع الفئة الغازية اذا ضايقهم الطلب على ركابهم مثلا
والأخرى (( الردة على الطريح )) وهذا هو موضوع بحثنا هنا .
الطريح : هو الصويب (( الجريح )) بأرض المعركة , او من قصرت به ركوبته او قتلت بالمعركة وفي هذه الحاله من رآه وجب عليه الرده عليه وانجاده . وللشخص الذي ينقذ الطريح شأن عظيم عند قومه وله سهم اكبر من المشاركين بالغزوة .
وقد اتسم فرسان بني صخـر بهذه العادة الحميدة منذ القدم وتغنى بها الاعداء قبل الاقرباء واقدم نص شعري يذكر هذه العادة لبني صخـر هو الامير حسن بن سرحان الهلالي حيث قال من قصيدة طويلة ((بيوم حر)) في القرن السابع الهجري
يـردون علـى طريحهـم ويظهرونـه...
وطريحنا يترك على الارض طايح
ويبدو ان هذه العادة بقيت ملازمه لفرسان بني صخـر حيث نجد هنا الشاعر دعيبيل السالمي يذكرها في (( يوم ذرعات )) بقصيدته على الطاروق الرباعي :
يـاصـخـور الـذوابـيــح... عنكم ما نكمى مديح
انتـم لاطـاح الطـريـح.... عنـده تـقـل مـحـددات
وهو بهذه الابيات يقول يافرسان بني صخر الشجعان لا نخفي (( نكمى )) مديحكم فأنت اذاطاح طريحكم نجد خيولكم عنده كأن وضع بأيدها الحديد فلا تغادر ارض المعركة الا وطريحكم معكم .
وفي يوم الدهيدوات (( الفجيج )) نجد الفارس ثويني العياط يذكر ردة فرسان الهقيش حيث قال :
ويذكر رواة بني صخر ان الفرسان بهذه المعركة نقلوا قتلاهم معهم من ارض المعركة على ظهور الابل حتى وصلوا ديار بني صخر ودفنوهم بالمديسيات .
وكذلك ردة فرسان الجبور على عقيدهم جدوع الخريشا حين صوبوهم فرسان بني عطيه حين تضمن الساقة فرد عليه فرسان الدهام وهم اسميهر الثروان وعيفان المعيوف وسالم القليهي وانجدوه وقال جدوع هذه الابيات :