شخصيتنا هذه الليلة شخصية أردنية عروبية جامعة لها من الفكر عقود ومخزون يطاول الكتب والمجلدات ولها الأجر والثواب لقاء اصلاح ذات البين وإغاثة الملهوف ونصرة الضعيف والمستجير والله يحب المحسنين .
المرحوم الشيخ عبدالكريم ارتيمة العبادي من وجهاء ووجوه القوم والوطن والقبائل يعرفه القاصي والداني ويذكره جميل القول وطيب الصيت والأثر وتعرفه البلاد حواضرها ومدنها وقراها أحد أعمدتها وكراسيها المتينة والقوية .
نشأ الشيخ عبدالكريم ارتيمة العبادي في ماركا وولد عام ١٨٨٥ في بيت مفتوح الجنبات وواسع الشرفات كثيرة الترحاب والهيبة الهيبة التي تليق بالرجال وعظمتهم وشجاعتهم من تعلموا القرآن على يد الخيرة والصفوة الأشداء والكتاتيب فعرفوا أن اللغة العربية مقرونة بالقرآن الكريم وهي لغته وأن المد والشد والسكون فيها غلطة وحكمة لا تهاون ولا تجاوز فيها تترك في الصدور رحمة وقوة وحدودا محرمة المساس بتعاليمها .
وللوطن حبه وعشقه الممزوج بعلاقته بالهاشميين فقد كان الشيخ عبدالكريم ارتيمه العبادي في طليعة المستقبلين لجحافل الثورة العربية الكبرى ولقائدها الشريف الحسين بن علي ومن أوائل المشاركين في عملياتها العسكرية وللهاشميين وقارهم ومكانتهم فكانت العلاقة بهم مختلفة أثيرية فيها من الذكريات والوصل ما جعلها دؤوبة على زيارة القصر الملكي وصديقا للشريف شاكر بن زيد وكلوب باشا آنذك شأنه شأن باقي عشائر الوطن التي شكلت طوقا للهاشميين بحبهم وولائهم لهم .
وقد نذر الشيخ نفسه لخدمة الأهل والقبيلة ووحدة صفها ورفعتها فمن نشأ في بيوت الشهامة والكرم لا يعرف إلا الحب والخلق والتواضع ومن ديدنه القيم والمبادىء يعلم أن المرء لا يكون إلا بعشيرته الأقربين وأنهم الأولى بالعطاء والمعروف فكان الناصح والمستشار والدمث خلقا وكان رحمه الله قانعا أن البيوت الكبيرة تظل تتسع وتوحد لا تفرق وأن النيران التي تشب فيها نيران خير ومآذن للضيوف والحب .
وتشهد أبناء عباد والبلقاء لهذه الشخصية أنها كانت جوادة معطاءة بيضاء اليدين والقلب لا تعتذر ولا تثقل من طارق او سا ئل حتى صار اللقب حاتم الطائي جوهرا وفعلا لصيقا بمن لا يرد ولا ينفض يديه ولا يتخلى بل سيلا منهمرا لا يعرف التوقف ولا ينقطع
فكان رحمه الله حديثا للقوم وتعليلة اذا ما حضرت الحكمة والبصيرة والرأي والانتماء والتعلق بالأرض فمن تضرب جذوره الأرض لا يعرف إلا الانتماء للوطن .
ونحن عندما نختم الحديث عن الشخصيات الوطنية ونذكرها ونتذكر تلك المناقب نفتخر بفروع وغصون تركتها فالمرحوم الذي أنجب عشرين من الأبناء والبنات ترك لهم أمانة الإرث والمجد والطريق المعبد بفخر وثراء هذه السيرة .