بقلم/ أحمد حساني المدير التنفيذي لمركز سعود زايد للدراسات البحثية والسياسية والاستراتيجية بالقاهرة.
بينما أتجول بين صفحات وجنبات الفيس بوك، وقعت عيني علي إحدي الصفحات الخاصة بالشعر العامي تحت مسمي -الشاعر عبدو الحجازي- بدأت أطوف بين أورقتها وفيديوهاتها وآراء وتعليقات متابعيها، وهذا التأثير الذي خلفه الشعر العامي لدي جمهوره.
لفت انتباهي إحدي تلك القصائد تحت مسمي "أنا فين" يسردها الشاعر بزييه العربي وملامحه الأصيلة وهو يتوسط إحدي أصدقائه، وسط الطبيعة الخلابة لتبقي شاهدا علي الزمان والمكان.
يسرد الشاعر القصيدة وهو يستمد ديمومتها من أنصهار البلاغة القديمة، في جمل قصيرة مختارة ببالغ العناية والدقة والعناية الفائقة، والتركيب الحاذق لمفردات اللغة التي تتسع الظروف القاسية التي عاشها هذا الجيل بكل سلبياتها وايجابياتها واحباطها ونكوصها، والتي صاغت مفرداتها المعبرة عن مرحلة كاملة تخللتها إشكالات اجتماعية وتربوية وعادات وتقاليد، ليقدم لنا قصيدة تحمل هموم الشعراء الذاتية والعامة، وهاجس الخوف من تشظي التجربة الاجتماعية بانهيار جدار ( الأخلاق و العادات والتقاليد).
يجسد الشاعر قصيدته من وحي خياله، عن شخص كان يعيش في زمن التسعوميات الألفية الأولي، وفجأة وجد نفسه في الحادي والعشرون وسنة (٢٠٢٠).
يقارن بين زمانه وهذا الزمان، ويري زمانه رغم قساوة الحياة إلا إنه كان يعبر عن الحياة الكريمة ويعطي للإنسان مكانته وقدره متمسكا بالدين والأخلاق والعادات والتقاليد، جيل تواضع أكبر وأكثر، وأغزر جيل بساطة وقناعة وصناعة، جيل متعاون متفاهم متلاحم متلازم باعتبار الفترة الزمنية التي هم فيها وما تقتضيه التحديات.
جيل البساطة الذي تميزه حلاوة اللقاء الممزوجة بصفاء القلوب بل والمحبة والعطاء، جيل يسأل الجار عن جاره ويتفقد الأخ أخاه، جيل لم تغيره سنين الحداثة و الطفرة المتتالية بما حملته من تباعد في النفوس بعد أن بات الهم هو جمع (الفلوس).
وعن ذلك الزمان الذي جسد الشاعر هذا الشخص ليعيش بين زمنين مختلفين، ويسأل نفسه "أنا إيه اللي رماني" يجد نفسه في زمن متغاير، أصبحت محبة النفس والأنانية مقدمة على أقرب قريب أو صديق، حتى لم يعد الحياة لها طعم بعد الابتعاد عن البساطة وعفوية المشاعر والانصراف إلى المباهاة وتخليد حب الذات والشهرة...!