زيارة أمير الخليج القوي، وليّ عهد المملكة العربية السعودية للأردن، تعتبر نموذجاً للعلاقات الأخوية الدافئة، و يا ليت المشاعر تُرى، لنعرف أنها كقطرات الغيث أينما وقعَ نفع، أنزلت الناس منازلهم، علاقات صلبة لا تكسر و رطبة لا تُعصر، زاهية بالثقةِ والأمل، تطمئن لها القلوب، وترتاحُ لها الأنفس، هي كحل العين لزرقاء اليمامة، بشائر الرضى والإشراق، الزيارة ترمز لموقف وطني في وجهِ من يهدد الأمن والاستقرار، إنها وقوف أمام الهلال الشيعي الذي بدأ يظهر في سماء العرب، ليؤسس إلى دولة المناذرة، المتحالفة مع أوهام الإمبراطورية? الفارسية التاريخية.
السعودية والأردن دولتان محوريتان، ذات سيادةٍ وإرادة وقرار، فلا استقرار للمنطقة بدون السعودية، ولا أمن للإقليم بدون الأردن، حجري الرحى، أقطاب القرار، هي علاقة الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله، مهد الرسالات السماوية، وكعبة العقيدة الدينية، و الزيارة أيضاً هي مرحلة استثمارات برأس المال السعودي لخدمة الإنسان الأردني، وهي خطوة بالاتجاه الصحيح للتكامل الاقتصادي.
نحن الأردنيون نملك أسباب قوتنا، وعناصر بقائنا، وعوامل وجودنا في ذاتنا، لا نخشى التهديد الإسرائيلي، ولا نخاف التحرّش الإيراني، ولا نرهب ما يسمّى بالخيار الأردنيّ، وعندما يصل الأذكياء لاستنتاج بأن ضعفنا الاقتصادي سيكون مبرراً لشرائنا، أو بيع هويّتنا، عندها يدرك الجميع بأن التحليلَ ساذج، والخلاصة بائسة، والدراسة فاشلة، والدليل أعمى، لأن الدولة الفلسطينية المستقلة تقام داخل فلسطين، وليس خارجها.
يقال أن معظم النارِ من مستصغرِ الشرر، في قمة مجلس التعاون الخليجي القادمة، التي ستعقد في الرياض، بحضور مصر والأردن والعراق، لا بد أن تناقش القمة، التهديدات الإقليمية للأمن القومي العربي، وخاصة الأطماع الفارسية، والتطلعات العثمانية، والمخططات الإسرائيلية، ثلاثي الأذى والمكر، لنكتشفَ قضية حضارية خطيرة نعاني منها نحن العرب، أنهم يرفضون وجودنا كسادةٍ أقوياء، أو كقادة أصحاب رأي وإرادةٍ و قرار، وهذا سبب كبير وكاف لإقامة تحالفٍ عسكري عربي، يحمي شرف الأمة، يردع أعدائها، يوحد عناصر القوّة، يعالج أسباب الضعفِ، يعطي ?صيصَ أملٍ لشعوب تعيش في نفقٍ مظلم، تعاني اليأس والقنوط والإحباط، أمة أبحرت على ظهر مركب تائه، تتقاذفهُ الأمواج، تخفق به العواصف، أمّة لسانُ حالها يقول:
سئمتُ تكاليفَ الحياةِ ومن يعِش ثمانينَ حولاً لا أبا لكَ يسأمِ..
لا بد من تحالف عسكري يصهر الدم واللغة والدين والمصير المشترك، ويتوافق مع قول الشاعر: تأبى الرماحُ إذا اجتمعن تكسّراً وإذا افترقن تكسّرت آحادا..