لابد أن بعضكم قرأ مفردة قديد في أكثر من كتاب أو رواية أو غيرها من أبحاث تراثية او قصيدة شعر قديمة، َمن المؤكد أن المعنى واضح جدا، ولكن هل كان ذلك القديد حكرا على أزمنة غائرة فقط، أم أنه ظل مستمرا حتى فترة قريبة في حياة ذوينا، وهي فترة ماقبل دخول الكهرباء والثلاجات والمجمدات إلى بيوت أهلنا.
كان يكثر اللحم على الناس في عيد الأضحى، كذلك في وقت تتعرض فيه ماشية الناس لعارض ما، كتزودها من العلف أكثر مما تحتاج، مثلا وفي هذه الحالة يُسرع البدوي لتزكية النعجة"ذبحها" قبل موتها، قد تقع أكثر من شاة في يوم واحد، وقد تكون الذبيحة بعيرا أيضا،فإذا إنكسر الجمل لابد من ذبحه، هذه الكميات من اللحوم على الأغلب تزيد عن حاجة العائلة الواحدة وجيرانها، ولا سبيل لحفظها إلا عن طريق تحويل اللحم إلى قديد، بحيث تمكن الإستفادة منه متى شاء الناس وخاصة في فصل الشتاء.
حسبما علمت من المصدر مباشرة، يقومون بتقطيع اللحم كما نقطعه حاليا للشواء، ثم يغمس في كمية كبيرة من الملح، في اليوم التالي تقوم النساء بشك اللحم في خيوط - كقلائد تجفيف الباميا- ثم تعلق تلك الخيوط على حبال بيت الشعر كي تجف تماما، بعد جفاف اللحم يخزن في "عِدل" وهذة تشبة الخرج لكنا أكبر ولأنها منسوجة من الصوف لايتعفن مابداخلها، إن كانت كمية اللحم أفل يوضع في "مزهبة " وهذه صغيرة تُعلق في واسط البيت.
عند الإستخدام تتناول المرأة الكمية المناسبة للطبخ، تنفعها بماء ساخن حتى يتمدد اللحم من جديد ويتم التخلص من الملح العالق به ثم يطهى وكأنه طازج.
أما الشحوم فيتم تذويبها وطهيها وحفظها في "سطل" و الأجمل أن النساء يصنعن من" اللية" دهونا للبشرة يسمى "المعشّق" عبر إضافة القرنفل والمحلب ومعطرات أخرى طيبة الرائحة وتحافظ على شباب البشرة ونضارتها، من لحق دور جداته سيتذكر كيف كانت طلة وجوههن لامعة بسيطة التجاعيد .
هذه الطريقة تسمى القديد وكانت سبيل البدو لحفظ للحوم، لاحقا قددت في بيئتنا البندورة كأول خضار تخزن لفصل لاتتوفر خلاله، و سُميت بندورة مقددة.