أنجزت لجنة تحديث القطاع العام عملها، ووضعت خطة عمل وخارطة طريق تستهدف إعادة النظر بمكونات القطاع العام ومؤسساته، استجابة لضرورة الارتقاء بمستوى الخدمات للمواطن، وتحسين أداء الإدارة، ومعالجة الخلل المتراكم.
شكلت لجنة تحديث القطاع العام، على أنها الحلقة الثالثة، لتطوير مؤسسات الدولة، بعد أن أنجزت لجنة تحديث المنظومة السياسية عملها وصاغت قانوني الانتخاب والأحزاب، ولجنة تحديث الأداء الاقتصادي وتطويره، بما يعني أن الدولة بعد المئوية الأولى، ستسير باتجاه المئوية الثانية، على قاعدة ثلاثة أرجل، ثلاثة أعمدة، تم إعادة صياغة مكوناتها ومؤسساتها، على قاعدة: 1- الإصلاح السياسي، 2- الإصلاح الاقتصادي، 3- الإصلاح الإداري.
لجنة تطوير القطاع العام، الإصلاح الإداري، ستكون الأكبر والأشمل، ستشمل 97 مؤسسة إدارية تنفيذية، باستثناء البلديات، القوات المسلحة، الأجهزة الأمنية.
سؤال جوهري طرحه الزميل الكاتب الصحفي عمر كلاب في اللقاء الذي جمعنا مع فريق تحديث القطاع العام هو: كيف يمكن التوفيق وتعديل ثلاث مكونات تقود القطاع العام وهي: 1- القطاع الحكومي من الوزارات المختلفة، 2- قطاع المؤسسات المستقلة، 3- قطاع لجان المناطق التنموية المستقلة، مثل العقبة والبتراء وغيرهما.
الأداء الإداري في بلدنا كان يستهدف أن تكون مؤسسات الحكومة وعاء للتوظيف، لأصحاب النفوذ والواسطة، وكانت النتيجة الأعباء المالية المتراكمة على الخزينة، واستنزاف مواردها لصالح الرواتب فقط، وتحولت تدريجياً إلى الضمان الاجتماعي، عنواناً للتكسب المالي والاجتماعي وتعزيز نفوذ القاعدة الاجتماعية المحدودة المستفيدة، وتحولت لتكون أداة ضغط وتعارض وتآكل.
الموظف في بلدنا لم يصل إلى القناعة التي ذكرها وزير التخطيط أن الموظف الصغير حتى الوزير يحصل على راتبه من الخزينة، أي من دافع الضريبة، فهو خادم للشعب، مقابل المكافأة التي يحصل عليها من جيوب الشعب دافع الضريبة.
كما وجدنا تعارضاً لمعايير الإصلاح السياسي، حيث تناول جماعة القيم التقليدية، قوى الشد العكسي، تناولوا عملية الإصلاح بالتشكيك، فهم أيضاً لن يتجاوبوا مع إجراءات وخارطة طريق الإصلاح الإداري، ولا يخلو من الطامحين الذين يريدون إصلاحاً أكثر حزماً وسرعة واستجابة، ففي عملية الإصلاح السياسي رفضوا التدرج في الوصول إلى القائمة الوطنية لانتخابات مجلس النواب، وهم اليوم يتطلعون بسرعة مماثلة في إنجاز خطوات الطريق نحو الإصلاح الإداري.
الإصلاح الشامل في بلدنا: السياسي والاقتصادي والإداري، ليس رغبة ذاتية، وليس قراراً فوقياً، وليست دوافعه الرفاهية، بل تُمليه حاجات موضوعية، فرضها وعي الأردنيين أولاً، وحاجتهم لتوسيع قاعدة الشراكة في مؤسسات صنع القرار، والتداخل في المعرفة أملاه الانفتاح الإعلامي والرقمي والالكتروني والمقارنات التي نشهدها تجتاح بلداناً مختلفة، وبين الأداء الضيق وضعف الإدارة وسوء الخدمات عندنا، وغياب القدرة على التخطيط، والاستفادة أقصى ما يمكن من مراكمة الضرائب التي لا تعود فائدتها على المواطنين، بل تقتصر على قطاع الموظفين المترهل، والأعداد المكتظة المعيقة للعمل.
مشاريع الإصلاح وعناوينها الثلاثة: السياسي والاقتصادي والإداري، حاجة موضوعية مطلوب دعمها وإسنادها وليس إعاقة خطواتها، مهما بدت متواضعة، ولكنها خطوات جوهرية على الطريق، طريق الأردن المستقر التعددي الديمقراطي، ما نسعى له ونتطلع إليه.