تتنوع المواضيع التي يقدمها
محمد نزير الحمصي في المجموعات الشعرية الخمس الصادرة له تحت عنوان "سلاسل
الذهب" ما بين مواضيع تخاطب: الحب، والطبيعة، والمرأة، والوطن، والعائلة،
والنفس الإنسانية، والمظاهر الاجتماعية التي يلامسها القارئ بشكل يومي.
وجاءت السلسلة التي تضم عشر
مجموعات صدر منها خمس مجموعات، هي:
"فلامنكو"، و"ديستوبيا"، و"يوتوبيا"، و"رسائل
إلى هامان"، و"الشياطين والملائكة". عن "الآن ناشرون
وموزعون" في الأردن، في أحجام تراوحت بين 60 و80 صفحة من القطع المتوسط
للمجموعة الواحدة.
وجاءت عبارات الحمصي فيها
مكثفة ومختزلة وقصيرة. والتزم خلالها بشعر التفعيلة، فجمع بين الإيقاع الموسيقي
الذي يخدم الجو العام لكل مقطوعة، واللغة البليغة التي تؤثر في وجدان القارئ أو
المستمع عند تلقيه للقصيدة.
وأسهم الطابع الواقعي
لموضوعات القصائد في تقريب الأفكار والمشاعر إلى قارئها. ومن أجواء المجموعات
الخمس، خطاب الشاعر ولدَه في مقطوعة "الرسالة الأخيرة" من مجموعة
"رسائل إلى هامان":
أتمزّقُ، من بَعدي
تتمزّقْ
وأرى أنّكَ
قد تغرقْ
يا ولدي
لو أنّكَ تدري
الآن فراقي يتحقّقْ
سأغيبُ
وتصيرُ حُطامًا
والقلب بصدري
يتشقّقْ
الوقتُ الباقي
يَدهَمُني
ودموعي
جمرًا تترقرقْ
تتمزّقُ من بَعدي
تتمزّقْ..
ويتحدث بلسان المرأة في مقطوعة
"اختصر" من مجموعة "الشياطين والملائكة":
يا سيّدي
فلتختصرْ كلَّ الكلامْ
حتى الخِصامْ
أنتَ معي
لن تنتصرْ
عهدُ الوصاياتِ تولّى
لا أريدُهُ أنا
مهما رَجَوتَني
والنظراتُ تستعرْ
مهما الرّصاصاتُ
عليَّ تنهمرْ
معي العِتابُ،
والحِصار، والحِرابُ
لا تجدي،
ولا تجعلُني قيدَ الخطرْ
لن أرفعَ الرايةَ البيضاءَ..
لا
يا سيّدي
عزيمتي لن تنكسِرْ
حرّيتي ملكي أنا،
والموتُ باقٍ
ينتظِرْ..
وحظيت مدينته دمشق بقسط من حنينه فتحدث عن الحي
الدمشقي الذي وُلد ونشأ فيه في مقطوعة "ترصيعات دمشقية" من مجموعة
"ديستوبيا":
إنّي إلى حيِّنا
القنْواتِ أنتسبُ
العزُّ فيهِ،
وفيهِ الأصلُ والنّسبُ
جدرانُهُ قممٌ
كالطّودِ شامخةٌ
الشّمسُ جارتُهُ
والبدرُ والشّهبُ
هنا الفخامةُ
في أبهى مرابِعِها
حيُّ الأكابرِ
أعلامٌ لهُ نُسِبوا
مهدُ الضّيافةِ
أبوابٌ مشرَّعةٌ
إلّا الأعادي
فعَن أبوابِهِ حُجبوا..
ومن الجدير ذكره محمد نزير الحمصي شاعر
ومترجم سوري. ولد في حي القنوات العريق بدمشق في عام 1958 في أسرة دمشقية عريقة
اشتهرت بالتجارة وحب العلم. تنقل في طفولته بين دمشق والقاهرة وفرانكفورت. والتحق
بجامعة دمشق لدراسة الكيمياء، ثم سافر الى مدريد لدراسة الفنون الجميلة في الكلية
الملكية الإسبانية. عمل في المجال الإعلامي في مجموعة من المحطات التلفزيونية
العربية والأجنبية. وعمل في مجال التأليف والترجمة، وله عدد كبير من المؤلفات
الأدبية والتراجم.