الشيخ ضيف الله القلاب أُدخِلَ المدينة الطبية ، إنَّ هذا الرجل يضعنا في حيرة إذا ما أصابه مكروه لا سمح الله ، الأحداث والشدائد والأمواج والأعاصير تصنع الرجال ، والرجال يكتبون التاريخ بمدادٍ من ذهب ، وهذا الشيخ العميق الجذور ، لمعَ نجمهُ ، سطعَ قمره ، تجلت هيبته و وقاره ، لا تأخذهُ في الحقِّ لومة لائم ، حكيماً ذكياً صلباً شامخاً خبيراً ومرجعاً قضائياً ، لا شكّ أنه قادر على تخطي الصعوبات واجتياز الموانع ، وتحقيق النجاح ، مع {ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ} {وثُلَّةٌ مِّنَ الْآخِرِينَ} من شيوخ بني حسن المدرسة .
ليس الشيخ الذي يعرف الخير من الشرّ ، لكنّ الشيخ من يعرف خير الشرّين ، وهذا ما أخذ به شيخ المدرسة ، تجسيداً لثوابت الدولة ، تعميقاً لفرقان الحقّ ، تطبيقاً لقواعد قضايا الدم ، تنفيذاً لوثيقةٍ وطنيّة لم يجفّ حبرها بعد ، محنة العدوان في شفا بدران ، أضاءت على تاريخ الرجل ، شعَّ معدنه الثمين ، أثبتَ أنّه رجل المهمات الصعبة .
أثبت الشيخ القلاب بأنّ العشيرة مؤسسة وطنية قوية ، لها وزنها وتأثيرها في الحياة الإجتماعية والأمنية والسياسية ، هيَ رديفٌ ممتدٌّ للأجهزة الأمنية ، وهي رقم الولاء الصعب ، ومعادلة الإنتماء الدقيقة ، لا يُهمزُ لها طرف ، ولا يلمز لها جانب ، وكل الغثاء الذي يشوّه تاريخ العشائر هو الإستثناء وليس القاعدة ، وإذا كان للباطل جولة ، فإنّ للحق جولات ، وإذا أتعبتنا أمواج الجرائم ، وعصفت بنا رياح الإنفلات ، وصار كلّ شيء ينذر بالخطر ، فإننا لا نخشى إلا الله ، ولا نطمئنّ إلا لقوّة الدولة .
الشيخ القلاب مقتنع ، بأنّ عقدة الأزمة لدى عشيرة الحجاج هي أنّ أولياء الدم أصبحوا في حرجٍ منَ الشباب المطلوبين للقضاء ، ممن أضرموا الحرائق وحطّموا الممتلكات ، فأخذُ "العطوةِ" غير المشروطة ، يعني ترك هؤلاء الشباب يواجهون مصيرهم المحتوم ، على ما اقترفته أيديهم ، من أعمال يعاقب عليها القانون ، إنّ فرض هيبة الدولة سيدفع باتجاه الحلّ ، وتجاوز الأزمة ، وستأتي مرحلةٌ تكون "العطوةُ" هي المخرج الوحيد لحلّ مشكلة المطلوبين أمنياً ،ولا ننسى أنّ من أَمِنَ العقاب سَهُلَ عليه ارتكاب الجريمة ، قال تعالى : {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} .