إن المجتمعات في جميع الدول هي التي تشكل و تؤثر على منهجية الدولة في استنباط أنظمتها و قوانينها بما يتناسب مع افراد المجتمع من الناحيه الدينية و الفكرية و الثقافية،
فلكل دوله نسيجها الخاص بها النابع من تاريخها و تضاريسها وموقعها الجغرافي و الحضارات التي شهدتها المنطقة، فكل عامل يساهم و يؤثر في تشكيل وتكوين هذا النسيج عبر الزمن ، فالاعراف و السلوكيات التي تسود بين افراد المجتمع الواحد ما هي الا مرآة تعكس معتقداتهم و ثقافتهم و عادتهم المتشابهة .
وان هذا التشابه الكبير بين الأفراد و أشخاص المجتمع يسمح لتعايش الفرد ضمن هذه المجموعه بطريقه أسهل و أفضل عمّن يختلف عنهم من أفكار و عادات ، وإذا أمعنا النظر في المجتمعات فإننا سنلاحظ اختلافات كبيره بين العادات و الثقافات و أنظمة المجتمعات في الدول وهذا الاختلاف ناشئ من أفراد المجتمع الواحد المتشابه ! ولهذا يمكننا أن نفسر نجاح تطبيق بعض الانظمة و القوانين او السلوكيات بدولة في حين فشلها وعدم إمكانية تطبيقها بدوله أخرى ، فالمجتمعات رغم تشابها في السلوك المجتمعي واحتياجاتها الاساسيه ألا و انها مختلفة و متنوعة في أعرافها و ثقافتها ومعتقداتها كما يقول الله سبحانه و تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )
وأما ما يميز المجتمع الاردني عن سائر المجتمعات هو تنوع اطيافه و منابع اصوله فنراه يشمل البدوي و الفلاح و الحضري ، المسلم و المسيحي ، ابن الصحراء و ابن السهول و ابن الجبال الراسخه ،
هذا الامر الذي ساعد بتنوع الثقافة و المعرفة بين المجتمع وتقبل الاخر فتشكل نسيج اردني فريد ..
فنرى اهم و ابرز تكوين للمجتمع المحلي مبني على العشائرية المحموده التي كانت و مازلت صمام الامان و خط الدفاع الاول منذ تاسيس امارة شرق الاردن الى الان عن الدين و الوطن و العادات الحسنه ومكارم الاخلاق والسد المنيع بوجه الاعداء و الفكر المنحرف و اصحاب الاجندات الملوثه بمبادئهم و معتقداتهم ،
فما نراه اليوم من تهميش و تحجيم وتشويه لصوره العشيره و وضعها في برواز ضيق لا يتسع لاظهار صورتها الحقيقيه ما هو الا جهل و قلة معرفه و انخراط بالعشيره ، فالعشيره هي الام الحاضنة التي تحمل على عاتقيها مسؤولية ابنائها وهي التي تتبنى قضايا المجتمع وتجسد اسمى صور التكافل و التعاون بين الناس وهي التي تحمي العرض و تصون العشره و تحافظ على الجار و تساعد المحتاج و توقف الفتن بحكمتها وبقضائها العشائري ... اما الجانب السلبي من تمثيل بعض ابناء المجتمع تحت اسم او غطاء العشيره من عنصريه جاهليه و محسوبية و واسطات بتعين من لا يستحق و انتخاب من يمثلهم بمجلس النواب على أسس العشيره لا الأصلح و الأنسب و التعصب القبلي الأرعن و شق وحدة الصف ونبذ الطرف الاخر ، هذه الافعال من أقزام و جهّال المجتمع يجب نسبها للشخص نفسه ،ومن الظلم ان تنسب مثل هذه السلبيات و الرجعية الى العشائرية،
فكلنا نرفض مثل هذه التصرفات والمعتقدات المدمِره المنبوذة والتي تبث الحقد في نفوس المجتمع ، والتي بدورها أن تقود وحدة أبناء الوطن الى الهلاك ،وهذا بذاته محرم من قبل العشائرية التي تدعو للتماسك وتدعو لمحاربة مثل هذه الظواهر و الافكار الموبوءة الدخيلة على مجتمعنا ،فكلنا نشيد بالعادات الحميدة من العشائرية و الجانب المشرق منها وكلنا نرفض أي تشويه لها ونسب أفعال صغار الأنفس للعشائرية ... ولهذا وجب علينا ان نحافظ على ما تبقى من إرثنا الجميل النادر و العادات والقيم الحسنه التي تفوح من تاريخ و مواقف اجدادنا و ابائنا وأن نحافظ على النسيج المنسجم و وحدة الصف و نقاء النفس الذي يمتاز به الأردنيون الكرام ...