بحسب التوقعات قد نكون على مقربة من تعديل أو تغيير أو إعادة تشكيل وزاري، يأتي متزامنا مع موسم نضوج الزيتون الذي أينع ثمره وحان قطافه، البعض ومن باب التجميل يصفون التعديلات أو التغييرات الوزارية بأنها ضخ دماء جديدة وجديرة في شرايين الحكومة السباتية، لكن المفاجأة في كل مرة هي أن لا جديد في أي تعديل أو تشكيل، في الغالب يعاد ضخ نفس الدماء والتي ذات مرة أو أكثر تم تجريبها ولم تنجح، وحتى الدماء الجديدة عند تحليلها نجد أنها من نفس زمرة الدماء وبمواصفاتها إذ ترفض تلك الشرايين دماء لا تتوافق مع نفس فصيلتها، لنكتشف أن الحكومة مع كل تغيير أو تعديل تعيد تجربة المجرب.
التغيير الوحيد الذي يطرأ على فصائل الدم للقادمين الجدد هو أن دماءهم معززة بأجسام مضادة جعلت منها أكثر قدرة على المقاومة، وأكثر ولاء وطاعة لخدمة تلك الشريحة التي تدفع بهم بطرف خفي إلى مواقع القيادة.
المشهد المثير للدهشة هو أن البعض من الوزراء كانوا قد خرجوا بتعديلات وزارية سابقة وقد تم ختمهم بأنهم غير صالحين، أو أن مدة صلاحيتهم قد انتهت، ثم يتم تدويرهم ومنحهم شهادات ليعودوا صالحين للعمل من جديد، ولنكتشف أننا لم نكن نعرف خيرهم إلا بعد أن جرّبنا غيرهم.
المتتبع لنتائج التعديلات أو التشكيلات الوزارية، لن يجد أنها أحدثت فروقا كبيرة، ولم تعدو كونها لعب على أوتار الوقت، وتطويل للعمر على علة، فعملية التعديل أو التغيير او إعادة التشكيل لا تحتاج من الجهد سوى إدارة دولاب الحظ عدة مرات ليتوقف في كل مرة عند رابح من الأسماء المحفوظة في ذهن وذاكرة الدولاب ليصبح معها وزيرا، لهذا لم يعد المواطن يبالي أو يهتم بمن يأتي ومن يذهب، وهي حيلة بدأ المواطن باللجوء إليها مع كثرة ضغوطات الحياة.
يتمنى المواطن أن يصحو على تغيير أو تعديل وزاري يأتي بوزراء ليس لهم سند أو ظهير سوى علمهم وكفاءتهم وأمانتهم، ولكونهم روافد للفكر، ومنابع للعطاء والإبداع، من العلماء والمفكرين الذين تزخر الأردن بهم، وليس لهم أجندات ومصالح سوى مصلحة الوطن والتقرب بخدمة المواطن إلى الله سبحانه وتعالى، وغير منسوبين أو محسوبين على فئة أو تيار أو جهة سوى تيار العمل الجاد المخلص للوطن والشعب، وممن لا يسعون إلى الشهرة والظهور بقدر ما يفضلون العمل بصمت وإنكار الذات، فلماذا لا نجرب ولو لمرة هذه الفئة، لن نخسر شيئا.
يبدو واضحا أن إجراء التعديل أو التغيير أو اعادة التشكيل في معانيه وأهدافه ما هو إلا نوعا من البحث عن حلول يائسة أكثر من كونها متفائلة، حلول شكلية سريعة مؤقتة ذات آثار قصيرة المدى، ولملمة لجراح عميقة، ومسكن لأمراض مزمنة تخفي الألم لفترة من الزمن وليست حلولا جذرية تمتد آثارها الإيجابية لفترات طويلة من الزمن، وتبنى على أسس وقواعد سليمة، وتؤسس لمستقبل أفضل ولحياة كريمة يشعر معها المواطن بقيمته، ومكانته.
من وجهة نظر الكثيرين فإن بعض التعديلات والتغييرات الوزارية ما هي إلا نتاج صراعات بين المصالح ومراكز القوى والنفوذ، ولا تعدو كونها تغيير في الأشخاص وليس السياسات.