سواء كان اسمها هنريتا أو هيتي أو ديوي أو حتى أعظم بخيل أو ساحرة وول ستريت، تبقى حكايتها واحدة من القصص الأسطورية في عالم المال والأعمال.
في القرن التاسع عشر، وبينما كان الرجال يهيمنون على القطاع المالي، واقتصر دور النساء على الأعمال المنزلية، برز اسم "هنريتا روبنسون" كسيدة أعمال مكافحة تمكنت من الحصول على لقب أغنى امرأة في العالم خلال هذا القرن.
هنريتا روبنسون، عُرفت فيما بعد باسم هيتي جرين، كانت بعيدة عن التبذير، وأكسبها تقشفها الشهير لقب "أعظم بخيل" من قبل مجموعة جينيس للأرقام القياسية.
ملابسها السوداء بالكامل ووجودها في القطاع المالي في مدينة نيويورك أكسبها لقب "ساحرة وول ستريت".. فما هي قصتها؟
عائلة "الحيتان"
في عام 1834 ولدت هنريتا روبنسون، في نيو بيدفورد، بولاية ماساتشوستس الأمريكية لعائلة ثرية من صيادي الحيتان.
منذ صغرها كانت تهتم بعالم المال والأعمال، وبينما كانت الفتيات في سن الـ6 سنوات تهتم باللعب واللهو، كانت هيتي تقرأ الأوراق المالية لوالدها، الذي شجعها على محو الأمية المالية.
مع دخولها سن الـ13، تعلمت هنريتا ما يعرف بتداول السلع، وأصبحت مدقق الحسابات لعائلتها الثرية.
رغم ثراء عائلتها لم تكن طفولتها مرفهة، وهو ما أكسبها شخصية صلبة وعنيدة.
5 و7 ملايين دولارات، كان لديها مهارات استثمارية ذكية ، وتميزت أيضا بالاقتصاد في الإنفاق، ومع بعض التصميم أصبحت أغنى امرأة في العالم خلال سنوات معدودة.
بطلة قصتنا كان لديها استراتيجية خاصة بها، وهي "اشتري عندما تكون الأشياء منخفضة ولا يريدها أحد، احتفظ بها حتى ترتفع والناس مجانين للحصول عليها".
هنريتا روبنسون، التي عرفت في هذا التوقيت باسم هيتي جرين، حققت ربحا سنويا قيمته 1.25 مليون دولار، وكان أكثر ما ربحته في يوم واحد هو 200 ألف دولار أمريكي.
لدى هيتي نظرية تؤمن بها وتطبقها في كل أعمالها، فكانت تقول: "أؤمن بالدخول في الأسفل والخروج في القمة.. عندما أرى شيئا جيدا بسعر رخيص لأن لا أحد يريده، أشتري الكثير منه وأبعده".
هذه الاستراتيجية عرفت فيما بعد لدى عالم المال والأعمال، بالاستثمار المعاكس، لكن تطبيق هذه النظرية في هذا التوقيت كان يمثل ثورة.
أعظم بخيل
كانت "هيتي" بخيلة لدرجة أن موسوعة جينيس للأرقام القياسية أطلقت عليها لقب "أعظم بخيل"، حيث ارتدت فستانا أسود واحدا قديما وملابس داخلية لم تغيرها إلا بعد أن تآكلت تماما.
أكسبتها المجموعة السوداء لقب "ساحرة وول ستريت"، إلا أنه في عام 1905 كانت هيتي مثار الحديث في نيويورك، حيث كانت أكبر مقرض في المدينة، وخلال الأزمة المالية في عام 1907، كتبت لمدينة نيويورك شيكا بمبلغ 1.1 مليون دولار.
لكن أغرب ما في قصتها، هو حفاظها الشديد على ثروتها، لدرجة أنه عند إصابة ابنها "نيد" في ساقة، بحثت كثيرا عن عيادة مجانية لعلاجه، حتى أصبحت حالته غير قابلة للشفاء، وتطلب الأمر بتر ساقه في سن الشيخوخة.
الأسوأ من ذلك، كان عند إصابتها بفتق، ورفضت إجراء عملية جراحية، واختارت استخدام عصا للضغط على التورم، أيضا كانت تحمل أكلها غير المغلف في جيب فستانها، حيث كانت تأكله عندما لا تجد وجبتها المفضلة "البصل".
هيتي رفضت أيضا إنفاق الأموال على أحد المكاتب، وبدلا من ذلك وقفت وسط أوراقها المالية على أرضية البنك الكيميائي الوطني في 270 برودواي في مانهاتن.
التضحية بالزوج
الغريب، أن هيتي رغم بخلها اضطرت إلى سداد ديون زوجها والتي وصلت إلى 700 ألف دولار، لكن تبين أنها لم تقم بذلك من أجل شريك حياتها، ولكن لأن البنوك رفضت لها بتحويل 26 مليون دولار من الأسهم أو السندات أو الرهون العقارية أو السندات حتى يتم سداد ديونه.
عندما شعرت هيتي أن زوجها كان غير مربح وأجبرت على تغطية خسائره، أسقطته من حساباتها، وانفصلت عنه، وتصالحا في وقت لاحق، وفقا لموقع "hobokengirl".
ويبقى السؤال الذي حير البعض، لماذا لم تكن هيتي تعيش في نيويورك، وفضلت الحياة في هوبوكي بمقاطعة هدسون في ولاية نيو جيرسي.
الإجابة، لها علاقة بالبخل وحرصها أيضا على عدم إنفاق المال، فالإقامة في نيويورك تجبرها على دفع 30 ألف دولار كضرائب. لذلك اختارت الانتقال بين بروكلين وهوبوكين لتجنب النفقات، وكانت تسافر دائما تحت اسم مستعار.
ضرائب الكلاب
كان الاسم المستعار المفضل لديها هو "ديوي" تكريما لكلبها المسمى "ديوي".
عاشت هيتي في هوبوكين مقابل 19 دولارا شهريا في الطابق الثاني من "يلو فلاتس" في 1203 شارع واشنطن، لكن الباب كان يحمل لوحة الاسم: ديوي.
عندما تلقت هيتي فاتورة ضريبية بقيمة 2 دولار مقابل ترخيص كلبها، اختارت الفرار من هوبوكين، وتعهدت بعدم الدفع أبدا، وفي النهاية ، سددت ابنتها رسوم ترخيص الكلاب البالغة 2 دولار.
امتلكت هيتي أيضا ممتلكات في مقاطعة بيرغن، بينما كانت تعيش في كوخ قذر، باعت الصحف الصباحية مقابل بنس واحد أقل، بعد أن قرأتها.
في عام 1916 توفت هيتي، وكانت ثروتها الصافية وقتها 4 مليارات دولار (108 مليارات دولار اليوم).
مثلما كانت حياتها مليئة بالإثارة، كانت مثيرة أيضا بعد وفاتها، حيث تنافست كل من نيويورك ونيوجيرسي للحصول على حصص في ممتلكاتها بموجب قوانين ضريبة الميراث.