السِّلم هو التعري من الآفات الظاهرة والباطنة.وإذا رُبط معنى السلم بالجماعة، فيشير السلم الاجتماعي إلى التعايش والاستقرار بين شعوب وأعراق مناطق مختلفة، نتيجة التفاهم وحسن الجوار واحترام الرأي الآخر وتقبل تعايش الأقليات مع بعضها وحل المشاكل بالاتفاق دون عنف.
ويعزز السلم الاجتماعي المحافظة على مقاصد الشرع الحنيف بحماية الضرورات الخمس، ويؤدي دورا فاعلا في استقرار المجتمع وبنائه وصون مقدراته. لذلك، يعتبر السلم الاجتماعي من الدعائم الأساسية لاستقرار الدولة ووحدة شعبها ورقيّه، بعيدا عن مفاهيم العصبية البغيضة وأدوات التفكك الاجتماعي وضعف القيم الأخلاقية.
إثر ذلك، أولى القرآن الكريم اهتماما كبيرا بالقضايا المرتبطة بالسلم الاجتماعي، وبيّن الأحكام التي ترسخ قيم الفضيلة والاستقرار بين الناس. فقال الله تعالى (يا أيّها الذين آمنوا ادخلوا في السّلم كافّة)، فمن معاني هذه الآية الكريمة أمـْر الله عز وجل لعباده الدخول في شرائع الإسلام كافة وبجميع جزئياته ومنها الالتزام بالسلم.
ومن العناوين الرئيسة في تكريس الفضيلة المجتمعية قول رسول الله عليه السلام (من كَان يُؤمنُ بِاللَّهِ واليوم الآخر فَلْيُحسنْ إلى جارهِ، ومن كَان يُؤمنُ بِاللَّهِ واليوم الآخِر فَلْيُكرمضيفه، ومنْ كان يُؤمنُ باللَّهِ واليوم الآخر فليقُل خيرًا أو لِيَسكت)، وإن تحقيق هذه الفضائل والسلوكيات الحميدة يرسخ قيمة السلم الاجتماعي في الدولة.
من جانبه، تنبـّه المشرع الدستوري الأردني إلى أهميـة السلم الاجتماعي ودوره بتكريس هيبـة الدولة، فجاء بالفقرة الثانية من المادة السادسة من الدستور بأن (الدفاع عن الوطن وأرضه ووحدة شعبه والحفاظ على السلم الاجتماعي واجب مقدس على كل أردني).
ويعتبر ذلك اعترافا دستوريا بدور السلم الاجتماعي وأثره الفاعل في استقرار الدولة ووحدة الشعب، لذلك اُعتبر الحفاظ على السلم الاجتماعي واجب مقدس على كل أردني.كما أن إضفاء صفة القدسية على هذا الواجب، دلالة قطعية على أهمية السلم الاجتماعي ومدى خطورة الإخلال به.
إن المواطنة الفاعلة والعدالة الاجتماعية والحكم الرشيد والتنمية المستدامة والتصالح مع الآخر؛ من المفاهيم الركائزية التي تدعم تحقيق السلم الاجتماعي. ويجب على الدولة ومختلف الكيانات الاجتماعية والأفرادممارسة السلوكيات الفضلى التي تحقق هذه المفاهيم في سبيل تكريس سلم اجتماعي حقيقي، يعزز الترابط والعلاقات في إطار الدولة، بعيدا عن العنف والتطرف والكراهية وإثارة النعرات، ويـُعلي من قيمة التعدد في المجتمع؛المبني على التنوع العرقي والديني والفكري والاجتماعي، بما يشيع الوئام والمحبة والتآلف والحوار الحكيم بين الناس.
وتبقى سيادة القانون، وإيمان الناس العميق بضرورة احترام القانون والإحتكام إليه في مختلف القضايا؛وعلى رأسها القضايا المجتمعية والعرقية والعشائرية، إضافةًإلى منظومات القيم الدينية والأخلاقيةوالإنسانية والفضائلية، هـي الدرب الفعّال المؤدي إلى سلم اجتماعي بنّاء يكون رافعةً من روافع تقدم الدولة وتحضر شعبها.