شهدت الضفة الغربية مؤخرا تطورات هامة وخطيرة على المسرح السياسي والعسكري الفلسطيني . وتحديدا على مسار الحركة الوطنية الفلسطينية وتحولاتها، وبشكل مختلف قليلا عن الفترة التي سبقتها . ويعد هذا التطور إيجابيا على القضية الفلسطينية على شتى الصعد خاصة فيما يتعلق بتحريك واقع القضية الفلسطينية وتصعيده من جانب الشبان الفلسطينيين ضد دولة الكيان الصهيونية . الا أن هذا التصعيد بالمقابل من قبل آلة الحرب الإسرائيلية بتحدياته ينذر بمزيد من التصعيد وتولد حالة من الانتقام مردها الخوف من ثورة الشباب الفلسطينيين المدافعون عن مسيرة ونضال الآباء والاجداد. وتجد د الروح الجهادية..
هذا وقد تابعنا وبكل فخر في الأسبوع الأخير من شهر تشرين الأول العمليات الاستشهادية البطولية التي نفذتها مجموعة من الشبان الفلسطينيين من مدينة نابلس "عرين الأسود" في ثنايا مدينة القدس الشريف .. الأمر الذي أدى إلى استشاطة أجهزة الكيان الصهيوني كاملة للانتقام منهم. الأمر الذي دفعهم لتكثيف تحركاتهم للتصدي لهولاء الأسود من خلال ارسال وحدات خاصه لمقاتلتهم في نابلس بدافع الانتقام منهم ولدوافع سياسية وصهيونية وارهابية متعددة، مستخدمين في عملياتهم تلك كافه انواع الاسلحه الدقيقة والمتطورة والتي اسفرت عن استشهاد ستة من الأبطال. الذين يؤمنون بحق الشعب الفلسطيني بالعيش على ترابه الوطني رغم الاحتلال.
يعبر هذا التطور العسكري والنضالي الفلسطيني في الضفة الغربية عن متغيرات إقليمية ومحلية كثيرة أبرزها : شعور الفلسطيين بحالة الاحباط العربي نتيجة تراجع الدعم السياسي العربي الفعلي للقضية الفلسطينية بل تلاشيه وحتى وصوله لمرحلة الإفلاس . ثانيها ادراك الشباب الفلسطيني ان السلام الاسرائيلي المزعوم ما هو إلا عباره عن تضليل اعلامي يحاول اليهود من خلاله تضليل المجتمع الدولي وكسب الوقت ليس اكثر وجعلها شماعة يلوحون بها كلما حانت الفرصة في حالة قيام الفلسطينيين بعمليات استشهادية ضد مستوطنين او يهود، لاظهار أنفسهم بأنهم طلاب سلام في حين يقوم الطرف الفلسطيني بالمقابل باستخدام السلاح ضدهم .وللأسف تختلف المسميات هنا ففي الوقت التي نعتبر تلك العمليات الاستشهاد ية بطولة وواجب وطني وديني لدحر المحتل، يطلق عليه الكيان الصهيوني و الامريكان وبعض المخدوعين بعملية السلام والمؤمنون بها ارهابا . كما و يعمد الاسرائيليون بين الحين والآخر لإظهار رغبتهم بالسلام زورا وبهتانا لابقاء ذلك ورقة رابحة في ايديهم يلوحون بها مع الشرق والغرب وللعرب الذين يروجون للسلام مع إسرائيل .
تمثل حالة "عرين الأسود" في الضفة الغربية ومهماتهم البطولية تجسيدا لرغبة جامحة لدي الشباب الفلسطيني بإرسال رسالة للقيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية مفادها، بان الفلسطينيون رغم ضعف السلطة الوطنية الفلسطينية وتهاويها وضعفها وتعاونها الأمني مع إسرائيل وتخليها عن واجبها النضالي العسكري واكتفاء العرب بالاستنكار والتنديد ، وضعفهم عن اتخاذ مواقف شجاعة ضد اسرائيل. فإن هولاء الشبان مستعدون للتصدي لذلك الكيان الصهيوني رغم كل امكانياته. وكأنهم يؤدون القول " بأننا صامدون رغم كل شي" . مرابطون رغم التخاذل العربي. وان هناك شعب حي مرابط وان دمائه تتجدد مع كل جيل مهما طال الاحتلال فلابد للحق أن ينتصر ، وأن مات الابا ء والاجداد، . وان قضيتهم باقية وهي مسألة وجود. واللافت بالأمر ان تلك العمليات تحظى بدعم شعبي كبير وأنهم كلهم مشاريع شهادة عن فلسطين والقدس بكل فخر ورضى . وهذا بمجله يقودنا للقول أن الفلسطينين يدافعون عن أنفسهم بانفسهم مطبقين بذلك المثل العربي الدارج "قلعوا شوكووا بايداكوا " وذلك نتيجة تخلي الكل عن واجبهم نحو القدس وفلسطين . وكأن مسألة الدفاع عنها للاسف أصبحت خاصة بهم وحدهم وعلى مستواها الشعبي او الشخصي وليس الرسمي.
ما حدث على أيدي شباب مجموعة "عرين الأسود" خلف آثار سياسية كثيرة من أبرزها تلك التصريحات التي أطلقتها القيادة السياسية الإسرائيلية، والتي تنذر تتوعد باجواء سياسية صعبة للغاية بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي خاصة بعد تحميل السلطة الفلسطينية جزءا من المسؤولية بعدم القدرة على ضبط الأمن. وكأنه توحي بانتهاء شهر العسل مع السلطة وانتهاء دورها وقيادتها السياسية مما يؤشر لمستقبل أشبه بحاله سوداوية مع دولة الكيان وخاصة بعد عودة نتنياهو للحكم بعد نجاحه في الانتخابات الاخيرة مما ينذر بتردي الاوضاع هناك والبدء بسياسة إسرائيلية أشبه بالارهابية . ولكنه يبشر بصحوة شبابية فلسطينية لقدوم بشائر المقاومة المسلحة بصورة عارمة، وهذا ما لا تريده اسرائيل رغم إمكانياتها الضخمة ومشاريعها العدائية ضد الحق الفلسطيني وايمانها بقلع الشجر والحجر لكن الفلسطينيون كذلك يؤمنون بأن الأرض لاصحابها وليس لمن احتلها.... وان فلسطين قادرة على انجاب حفدة لصلاح الدين الايوبي والقسام والحسيني وغيره من قادة النضال العربي الذين دافعوا عن فلسطين امثال عبدالله التل وغيره...