لم أجد تعبيرآ لما يحدث في حياتنا ابلغ من المطار بشقيه ( القادمين والمغادرين ) وهو في الواقع مطابق بشكل كبير لما يحدث في حياتنا ، فوج القادمين وفوح المغادرين ، في حركة مستمرة لا تتوقف ، ففي الدنيا الملائكة تختم الجوازات عند الدخول وعند الخروج ، الفرق الوحيد ان القادمين الى الدنيا ( المواليد ) والمغادرين لها ( الأموات ) لايعرفون جدول الرحلات ولا موعد انطلاق رحلاتهم ، لانها رحلات غيبيه اجبارية ( مقدره مسبقآ ) ولا خيار لهم فيها .
فرحلة الدخول شاقة ، ورحلة الخروج أمر منها وأشق ، لانها الرحلة التي سقرر مصيرك الابدي ، وهي لحظة ختم الملائكة جواز الخروج من صالة المغادرين ، وتعتبر اهم لحظات الحياة ، لانها سوف تقرر مصيرك الى البلد (المكان )الذي سوف تذهب اليه ، ان لم تفكر بها فأنك من الخاسرين .
انها تمثل الفرق بين الطاعة والعصيان وبين الحق والباطل وبين الاستقامة والاعوجاج ، الفرق بين الفوز العظيم او الخسران المبين ، لحظة يتجنب الكثير ويحجمون حتى من التفكير بها ، لانهم يعتقدون انها شر ( وهي في واقع الامر حق ) او على قولهم شر لابد منه.
انها اللحظه التي تحمل فيها على لوح من الخشب الى صالة المغادرين ، وقد كنت قبلها تمشي في الاسواق مرحآ ، غير مكترث من انك ستغادر بلا رجعه ، فقدت كل شيءٍ مادي عملت وكدحت من اجله ، وقد تكون من اجل تحقيق ذلك ظلمت وتجبرت .
ان التفكير بتلك اللحظه التى تحمل فيها على لوح من الخشب ، قد يبدو مؤلمآ ولكنه ليس اقل ايلامآ مما سيحصل لك بعده ، سيحضر دفنك الاهل والصديق والعدو ، ولكنهم لن يمكثوا طويلآ ، ساعه او اكثر تم سيتركوك في صالة المغادرين ، حيث تتولى الملائكة ختم جوازك ، ثم بعد ذلك على الأرائك يجلسون ، ثم الشاي والقهوة يحتسون والمناسف ( يبلعون )، ثم اطراف الحديث يتجاذبون ، حديث ليس عنك لانك اصبحت بالنسبة لهم من الماضي ، وان ذكروك فلن يذكروك باسمك بل باسم ( الفقيد) فهنيئآ لقد اصبح لك اسم جديد .
سيأتيك ملكان يقعدانك ويجلسانك ويسألانك بدون وجود محامي او مدعي عام ،فمحاميك انذاك هي اعمالك التي قدمت في حياتك ،فاما ان تدافع عنك او تدينك .
ان من لا يضع نفسه ويفكر بهذا الموقف العظيم وهو على قيد الحياة كل يوم او على الاقل مرة في الأسبوع او مرة في الشهر ، فلن تستقيم حياته ، ولن يرتدع حتى ولو كان من المصلين .
( وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب ) فاتقوا الله الذي اليه ترجعون ، واحرصوا على تذكر لحطة حملكم على لوح من الخشب ، لا ينطق هو ولا انتم من الناطقين .
فسبحان الذي بيده الملك ، جعل لكم السمع والابصار والافئدة لتتفكرون .