بات في حكم المؤكد أن إعادة الهيبة للدولة وتطبيق سيادة القانون بكل قوة وحزم أصبح مطلباً ملحأ في الأردن، الامر الذي يطرح تساؤلات مهمة ومحقة حول التخوف الشعبي من القادم ، والى اين تسير البلاد؟
الإجابة تكمن في فرض هيبة الدولة والضرب بيد من حديد لكل من أراد السوء بالأردن، وتنفيذ أحكام القانون بحق من استرخص دماء رجال الأمن الذين لم يقترفوا ذنباً سوى أنهم يقومون بواجبهم في حفظ أمن الأردن وإستقراره .
نترحم على شهدائنا من رجال الأمن العام الذين رؤوا بدمائهم الطاهرة الزكية ، تراب الوطن، واقفين على أداء الواجب ، تاركين خلفهم درساً وطنياً في الفداء والتضحية، فالأردن والشهادة توأمان منذ كان الاردني جنديا في الثورة العربية الكبرى.
فلهؤلاء دين في أعناقنا جميعاً، وهم بالنسبة لنا يمثلون رمز التضحية وعنوان الرجولة منذ تأسيس الدولة وحتى آخر الشهداء قبل أيام ، لذا كل الأموال في ميزان الحياة الدنيا لا تساوي دمعة حزن واحدة في مقلة ابن شهيد أو حشرجة مخنوقة في صدر أرملة شهيد، فسلامٌ على أمهاتهم اللاتي اعددن ابناءهن سيوفا ودروعا يتقدمون الصفوف ولا يعرفون التنافس إلا على التضحية والشهادة، دفاعا عن حمى الأردن ملتفين حول قائدهم الملك عبدالله الثاني..
لقد سقط لنا شهداء كثيرون من أبناء القوات المسلحة الجيش العربي والأجهزة الأمنية، منهم من استشهد دفاعاً عن شرف البطولة في فلسطين والكرامة وأسوار القدس، ومنهم من استشهد دفاعا عن الوطن وحمايته ، ومنهم من استشهد خلال عمليات إرهابية تعرض لها الأردن سابقاً، لكننا اليوم أصبحنا نرى الشهداء يسقطون على أيدي الخارجين على القانون وهم زمرة من أصحاب الفكر التكفيري الظلامي واوكار المخدرات وذلك أثناء تعقبهم ومحاولة اعتقالهم وقيامهم بمقاومة الاعتقال وإطلاق النار على القوة الأمنية المكلفة بتطبيق القانون في ظاهرة لم نعتد عليها .
لو ان احدنا صلى الظهر خمس ركعات لكانت صلاة باطلة، ولو صام احدنا من منتصف الليل حتى صلاة العشاء لما نال اجر الصيام ولخرج عن الشرع، فكيف بمن يغلّف القتل وهدر الارواح واشاعة الفوضى بأي فكر او رسالة؟ فلا رسالة مع استهداف المدنيين وقتل الناس الا رسالة الإرهاب والعبث، مهما كانت الديباجة والشكليات.
المجرمون هم من يدعمون الإرهابيين ويقدمون لهم الحماية ويدافعون عنهم وإن لم يتم بحقهم إجراء رادع وحازم وفوري فسوف يكون لدينا دواعش أكثر مما تتصورون.
من المؤسف استغلال أي موجة مطلبية محقة ومكفولة بالدستور من قبل بعض المنتفعين لتعريض امن بلادهم للخطر، دون حساب عواقبها الوخيمة في الاستقرار المطلوب، في زحمة التهديدات الخارجية البعيدة والقريبة والتي تحيط بنا من كل صوب.
ركوب الموجة سهل والاسهل منه التفرج عليها ولكن الصعوبة تكمن في اذا لم ندرك عواقبها والى اين تنتهي والى اين تسير بنا، وماذا يوجد تحت زبدها المؤجج من غير ان ننتبه الى سلامة الأوطان والمواطنين.
نتقدم ببالغ التعازي والمواساة لصاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني المعظم، ولذوي الشهداء الأبطال، وأجهزتنا الأمينة الباسلة، سائلين المولى عز وجل أن يلهمهم الصبر والسلوان، وأن يتقبل الشهداء في جنات النعيم مع النبيين والصديقين والصالحين ... عاش الأردن قوياً عزيزاً ولا نامت اعين الجبناء.