كان الأردن على الدوام أرض الحشد والرباط، ومنبت المناضلين الأشداء الذين حملوا راية الدفاع عن الحمى العربي، وكانوا سنداً قوياً وحصناً منيعاً لأخوانهم المقاومين غربي النهر في فلسطين ، لقد تحدثت في مقالات سابقة عن بعض المناضلين الذين شاركوا إخوانهم غربي النهر القتال ضد الغاصبين اليهود واليوم نتحدث عن الشيخ بركات طراد الخريشا بطل من أبناء قبيلة بني صخر الاشداء حــــــــمر نــــواظـــــــــر المشهود لهم بالنسب الطيب و التاريخ الحافل بالمواقف العظيمة التي تشهد لها جميع القبائل العربية .
أتحدث عن رجل من رجال هذا البلد العزيز على كل أردني والذي دافع ببطولة من أجل ان يبقى هذا البلد شامخاً مرفوع الراس ، والذي اشترك في معارك البطولة والشرف على ثرى فلسطين والقدس الشريف .
ولد الشيخ بركات الخريشا سنة 1900م والده الشيخ طراد السلمان الخريشا
وهو أخر من قام بالغزو في شرقي الاردن على عرب عمرات في العراق ،
وعندما قدم الامير عبدالله بن الحسين على الاردن كان الشيخ طراد السلمان هوالوحيد في استقبال طلائع جيشه ، بعد ان اصبح ولده بعمر الخمس سنوات قام الشيخ طراد بارساله الى الشمال في منطقة أربد في بلدة حكما عند جماعة الطويل من أجل حفظ القران الكريم وهنا أروي حادثة طريفة وهي عندما سألت زوجة المختار الذي تعهد بولد الشيخ طرادالخريشا بحفظه ورعايته عن أسمه قال لها بأن اسمة مسعر ( وهذا بسبب ان البدو كانوا يسموا اولادهم باسماء تدل على القوة والخوف منه )!!
قالت لا يا الشيخ طراد ... من الأفضل ان تسميه بركات وعندما سألها الشيخ طراد السلمان لماذا أختارت هذا الاسم قالت لانه قبل ان تاتوا كنا نعاني من شح الامطار و لكن عندما اتيتم بعون الله امطرت السماء وأختارت له اسم بركات وبقي كما هو . وبقي الشيخ بركات السلمان عند جماعة الطويل مدة ثلاث سنوات و هو يتعلم حفظ القران الكريم وبذلك أعتبر من اوائل المتعلمين في البادية الأردنية .
وفي عام 1923 انتخبه الأمير عبدالله الأول للدراسة في مدرسة السلط الثانوية مع المرحوم حابس المجالي وآخرين. وعندما قام الامير عبدالله المؤسس بانشاء اول نواة عسكرية اطلق عليها قوات البادية الاردنية وذلك لمنع الغزو بين القبائل الاردنية قام بطلب 13 ابنا من ابناء كبار زعماء العشائر في الاردن وكان اولهم الشيخ بركات الخريشا وهو يحمل الرقم 1 في قوات البادية الملكية عام 1930، وفي عام 1939 شكل قوات البادية الحضرمية في (اليمن الجنوبي) وعندما بدأت حرب فلسطين عام 1948 ساهم المحسن الكبير ابراهيم منكو رحمه الله بتمويل تسليح كوكبة من المناضلين الأردنيين والعرب قوامها (170) مناضلا على نفقته الخاصة واسند قيادة هذه الكوكبة إلى النقيب المتقاعد آنذاك بركات طراد الخريشا.
وشاركت هذه القوة في معارك القدس الشيخ جراح الى جانب البطل عبدالله التل وكان لها دور كبير في قتال قوات الهاجناه اليهودية وفي عام 1949 اشترك في معركة حارة اليهود في القدس القديمة والتي استسلم بها 1800 يهودي إلى الجيش العربي . بعد ذلك عين قائداً لكتيبة المشاة العاشرة ، وقائداً للحرس الوطني في الضفة الغربية ، وقائداً لقوات البادية الملكية عام 1956، أحيل على التقاعد عام 1964، وعين قاضياً عشائرياً بإرادة ملكية الى أن توفاه الله بتاريخ 17/1/1987 . رحم الله الفارس الشيخ بركات الخريشا والذي جسد بسلاحه وحدة الأهل على ضفتي نهر الأردن .