منذ الأزمنة القديمة، اعتبر الشباب دعامة الأمم ومستقبلها. إنهم الأمل والطاقة الحيوية التي تضفي الحياة والتجدد على المجتمعات. لكن ماذا يحدث عندما يُسرق طموح هؤلاء الشباب المبدعين والطموحين بفعل الفساد الإداري المستشري؟ يبدو أن مستقبلهم يتلاشى تدريجياً بين أصابع الجشع والاستغلال.
الفساد الإداري ليس مجرد عبارة عابرة، إنه وباء يفتك بأجساد المؤسسات ويمتص روح الشباب. على الرغم من أن العالم العربي ينبض بالإمكانيات والمواهب، إلا أن الفساد يقف بوجه هذه المواهب، وكأنه يسمم جذور الأمل والتطلعات.
تخبطات الفساد الإداري تظهر بوضوح في مجموعة متنوعة من المشاهد. الوظائف العامة التي ينبغي أن تكون أماكن للكفاءات والإبداع تتحول إلى أماكن للواسطة والمحسوبية. الفرص التعليمية التي يجب أن تكون مفتوحة للجميع تصبح محصورة لمن يملك النفوذ فقط. تدريب الشباب وتأهيلهم يتحول إلى وسيلة لتحقيق "مكاسب شخصية" على حساب مستقبلهم.
ما يصيب الشباب بالخيبة والإحباط أكثر من أي شيء آخر هو أن هؤلاء الشباب يمتلكون الإرادة والعزيمة لتحقيق تغيير إيجابي. إنهم ينبضون بالحماس والطموح لتطوير مجتمعاتهم وإحداث تغيير فعلي. لكن عندما يقف الفساد حائلاً في وجههم، يتحول هذا الحماس إلى خيبة أمل وربما إلى استسلام.
ما يجب أن يكون وقوداً للتطور والابتكار يتحول إلى وقود للتدهور والانحدار. إنما الفساد يأكل تماماً من أسس الثقة والأمان التي يحتاجها الشباب لبناء مستقبلهم. إذا لم يشعروا بأن الفرص متاحة لهم بناءً على كفاءتهم وإبداعهم، سيكون لديهم دوافع أقل للتمسك بأمل تحقيق تغيير حقيقي.
لذا، يجب أن تكون محاربة الفساد الإداري أحد أولويات الدول العربية. إنها ليست مجرد مسألة إصلاح إداري، بل هي مسألة بناء مستقبل أفضل للجيل القادم. على الحكومات أن تبني نظم شفافة ومؤسسات قوية تعمل على تشجيع الشباب ودعمهم، وتوفير الفرص المتساوية للجميع دون تمييز.
في النهاية، إنه لأمر محزن أن نرى أحلام وطموحات الشباب العربي تذهب هباءً منثوراً بسبب فساد يعيق تطورهم ويقمع طموحاتهم. على القوى الراغبة في تحقيق تغيير إيجابي أن تعمل جاهدة للقضاء على هذا الوباء وإعادة الأمل والفرص إلى أيادي الشباب الطموحة.