تنهمر دموعي مع مشهد يذيب فؤادي؛ مثل هذا المشهد الذي رأيته في فيديو لم يتجاوز الدقيقة، أظن أنني لن أنساه على مدار حياتي، ذلك الرجل الخمسيني يشم ابنته الصغيرة شم الرياحين، يفتح عينيها ويقبلهما، يضع وجهه على وجهها، يستنشق طويلًا كأنه يملأ رئتيه بعطر رائحتها، ثم يختبئ في حضنها يا ليت الزمان يتوقف هُنا، يبتسم في هدوء وصمود عجيب، لم يفارق حبيبته هو مشغول معها ولا يرى ما حوله ثم أول ما نطق قال "هَذِهِ رَوْحِ الرَّوْحِ" .. هذه لغة المحبين أعرفُها!
فعـــلاً .... ما كذب الفؤاد ما رأى ..
هذا والله ليس أب يودع ابنته بل مُحب أذاب حبها فؤاده .. فاختُبر فيها وبها، فقد سُئل علي بن أبي طالب: هل هناك أشد من الموت؟ قال نعم: فقد الأحبة.
مشهد لا يتجاوز الدقيقة أطاش بأشعار المجنون وتهاوت أمامه شجاعة عنترة، مشهد لا يُصبّر عليه إلا قول رسول الله ﷺ قال "إذا ماتَ ولَدُ العبدِ قالَ اللَّهُ لملائِكتِهِ قبضتم ولدَ عبدي فيقولونَ نعم فيقولُ قبضتُم ثمرةَ فؤادِهِ فيقولونَ نعم فيقولُ ماذا قالَ عبدي فيقولونَ حمِدَكَ واسترجعَ فيقولُ اللَّهُ ابنوا لعبدي بيتًا في الجنَّةِ وسمُّوهُ بيتَ الحمْدِ".